التعامل مع الأقليات في إطار إدارة التنوع (دراسة مقارنة بين العراق والهند)

Abstract

الخاتمة والتوصيات:لقد ناقش البحث واحدة من المشاكل التي تعاني منها الدول غير المستقرة تحديدا، ألا وهي طرق التعامل مع التنوع الاجتماعي داخل الدولة، وتحديدا مع مشكلة الأقليات. وتبين من البحث، واعتمادا على الأنموذجين الهندي والعراقي،1-وجود معضلات في التعامل مع التنوع الاجتماعي ومع الأقليات تحديدا في العراق، أما الهند فعلى الرغم من واقعها المتناقض إلى درجة حرجة إلا أن القيادات الهندية حيدت دستوريا اغلب تلك التناقضات الموجودة داخلها، وسمحت ببلورة قدر من الانسجام في الهوية الهندية، وحققت استقرارا مقبولا مقارنة بعدد سكانها وحجم التناقضات بين الانتماءات الأولية لسكانها إذا ما قيست بحالة العراق.2-مارست الهند سياسة براغماتية مع اقلياتها اي انها تعاملت معها بناءاً على مصالح الدولة الهندية بمعنى انها مستعدة لأستخدام العنف بصرف النظر عن الألتزامات الدستورية في حين أن العراق غالباً ما تعامل مع الأقليات وفق نظرة ايديولوجية سواء قبل أو بعد 20033-بقدر مانص الدستور الهندي على العلمانية الا ان العمل السياسي في الهند بدا يفرز سياسة هندوسوية قومية ودينية أكثر منها وطنية مع تقدم الزمن . بالمقابل يؤكد الدستور العراقي على طابع ديني واضح للتشريع رغم اشارته لأحتفاظ الأقليات بحرياتها الدينية الا أن الهيمنة الدينية والأثنية للمكونات العراقية الكبيرة بدت هي السائدة 4- مشكلة ادارة التونع في البلدين تكمن في عدم وجود اليات واقعية لتطبيق الدستور . ففي حين ينص الدستور الهندي على المساواة في المواطنة نجد المسلمين مثلاً في أدنى السلم الأجتماعي. بالمقابل يؤكد الدستور العراقي على المساواة والحريات للأقليات لكن هذه الأخيرة لازالت تحمل معاناة سياسية من خلال عدم وجود تشريعات تحقق ماثبته الدستور فلا زالت هناك قوانين تحجيمية لبعض الأقليات سارية المفعول منذ عهد النظام السابق ولازال نظام الكوتا الأنتخابي يعمل بالنسبة للأقليات .5-الفرق بين الهند والعراق أن أكبر المكونات في الهند هم الهندوس , حوالي 82% ثم تأتي بقية الأقليات ضمن الحدود الباقية في حين لايوجد في العراق مكون له هذه النسبة وهذا مايشكل أشكالاً واضحاً في قضية الأقليات في العراق6- اذا كانت الهند قد أشركت معضم الأقليات عند صياغة دستورها فأن أقليات العراق لم تشترك بصورة كافية في صياغة الدستور العراقي وهذا ماحرمها من أن تضع تصوراتها الخاصة في هذا الدستور .توصيات للنموذج العراقيبأعتبار أن تجربة العراق بعد 2003 قليلة في المجال التعددي والديمقراطي فأنه ينبغي أن يستفيد من التجربة الهندية لاسيما في تجنب أخطائها فالخوف من الأنفصال وتبعية مكونات أو أقليات معينة لدول أخرى وأتهامها بالعمالة كما هي الحال في نظرة الحكومة الهندية للمسلمين في كشمير أزاء باكستان, ينبغي أن لايحل بالعنف المسلح وانما بوسائل التنمية الأقتصادية والسياسية معاً والبتعاد عن الصيغ الشمولية في التعامل السياسي وعدم تغليب مكون على مكون آخر .وعليه ينبغي أن تكون ادارة التنوع لاسيما فيما يتعلق بالأقليات في في العراف تنطلق من الأسس التالية:أ. بناء المؤسسة العسكرية (الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية) من جميع أبناء الوطن، وتشكيل وحداتها وصنوفها من كل المكونات العراقية وألا تكون من لون واحد فقط.ب. بناء نظام تعليمي وطني موحد يحافظ على الوحدة الوطنية، ويعزز التعايش السلمي بين مكونات المجتمع، ويسمح باستخدام اللغات الوطنية للأقليات في إطاره وليس خارجه، ويسهّل فتح مدارس باللغة الأم لأبناء المكونات الصغيرة وحسب رغبتهم، والمساعدة في فتح مراكز ثقافية لهم.ج. بناء الأقاليم والإدارات المحلية (إن كان ذلك ضروريا) على أسس جغرافية وليس قومية أو اثنية أو دينية أو طائفية.د. سد النواقص أو الثغرات الدستورية والقانونية ذات الصلة بحقوق التنوع وبضمنها حقوق الأقليات، وخاصة تلك المرتبطة بمواد تضمنها الدستور كالمادة 25 المتعلقة بضمان الحقوق السياسية والإدارية والثقافية والتعليمية للتركمان، والكلدو آشوريين. وغيرها من المواد الدستورية والتشريعات القانونية.6. تجنب استخدام مصطلح الأقلية لوصف بعض المكونات العراقية طالما أن معناه الواسع يثير حساسيتها من جهة، ولا يتناسب مع واقعها كمكونات عراقية أصيلة وقديمة من جهة ثانية، على الرغم من اعتماده في العديد من النصوص والصكوك الدولية التي غالبا ما اعتمدت في استخدامه على النسبة العددية للسكان، ولا بد من القول إن الدستور العراقي الدائم كان موفقا عندما تجنب استخدام هذا المصطلح واستخدم مفردة المكون بدلا منه.7. ضمان حق الأفراد في اختيار المجموعة الاثنية أو الدينية أو اللغوية التي يرغبون الانتماء إليها، وحق المجموعات في إثبات هويتها الجماعية، وحمايتها ومنع كل أعمال الصهر والتذويب القسرييين.

Keywords

يكاد بلد من البلدان يخلو من ظاهرة تعدد وتنوع المكونات المجتمعية التي تتوزع عادة وتبعا لحجمها ونسبتها العددية بين أكثرية وأقلية أو أقليات. ولكن هذا التوزيع غالبا ما يعاني من مشكلات جرّاء عدم وضع أطر دستورية أو قانونية قادرة على ضمان التوازن والتكامل بين منظومتي حقوق وواجبات الأقليات وحقوق وواجبات الهوية الوطنية والمواطنة وتطبيقاتهما. وتعد دول الشرق الأوسط والعربية منها تحديدا من بين أبرز الدول التي تعاني من هذه المشكلة بحكم اعتقادها بالانعكاسات السلبية لمثل هذه الأطر التشريعية على وحدتها واستقرارها، واحتمالات فتحها الباب أمام التدخلات الخارجية في شؤونها مما يدفعها ليس فقط إلى إخفاء مشكلة الأقليات فيها والتهرب من إيجاد الحلول لها، لا بل ومحاولة حلها قسريا بصهر كل ما هو موجود فيها من أشكال تنوع الأقليات واختلافها وهوياتها الفرعية في بوتقة هوية واحدة بما يعرّض خصوصيات تلك الأقليات وهوياتها وحقوقها وحرياتها للانتهاك، ويزيد مشكلة التعدد والتنوع فيها تعقيدا، ويحمّلها مخاطر كبيرة.