الاحكام القانونية الخاصة في مجال التلوث البيئي

Abstract

المقدمةيواجه العالم في الوقت الحاضر العديد من المشكلات المتعلقة بأمن وحماية البيئة ولم تعد مشكلة تلوث البيئة واستنزاف مواردها تهم الدول المتقدمة صناعياً فقط بل أصبحت تواجه الدول المتقدمة والنامية على حد سواء.ومع ان التلوث البيئي قد ارتبط بالإنتاج الصناعي والتقدم التقني، فأن مظاهر التلوث للبيئة وأسبابها مختلفة لدرجة ان الانسان ذاته يمكن ان يصبح نتيجة إهمال وعدم حمايته للبيئة التي يعيش فيها مصدراً مباشراً لهذه المشكلة. وقد أصبح الانسان اليوم غير آمن من الهواء الذي يستنشقه والماء الذي يشربه والأكل الذي يتناوله. إضافة الى استهلاك الكثير من الموارد الطبيعية التي أدت الى الإخلال بالتوازن البيئي، كما جعل حياة الكائنات المختلفة ومنها الانسان في خطر.ولقد ازداد الاهتمام بالبيئة. حمايتها وأمنها منذ أكثر من عقدين من الزمان في مختلف بقاع العالم، وأصبح اليوم موضوع أمن وسلامة البيئة قضية تشغل سكان الارض جميعاً، بل ان موضوع سلامة البيئة وحمايتها من مخاطر التلوث والاستنزاف المستمر يشعر سكان الأرض بمختلف توجهاته السياسية والاقتصادية والفكرية أنهم أمام خطر داهم يعنيهم جميعاً.وإذا كانت عمليات المنع والتصدي والوقاية من عدد من الجرائم تحتاج الى تعاون دولي جدي كما هي الحال في مجابهة الجرائم المنظمة فان ما يمكن ان ندعوه بالتحديات والجرائم الواقعة على البيئة تجعل من هذا التعاون أمراً يتصف بالبداهة والوضوح ويكتسب أولوية وأهمية تزداد يوماً بعد يوم، فتلوث الهواء ومياه البحار والمحيطات والأنهار لا يعرف حدوداً مما يستدعي تضافر جهود كافة الأوساط العلمية والاقتصادية والسياسية، في كافة دول العالم لمواجهة المخاطر والأضرار التي تهدد بيئة الانسان وحياته معاً.إن الأنسان مؤتمن على هذه البيئة التي انعم الله بها على بني البشر، ولقد كان عليهم ان يحافظوا عليها سليمة وصالحة كي يعيشوا فيها ويسلموها كذلك الى الاجيال القادمة.والبيئة لفظة شائعة الاستخدام يرتبط مدلولها بنمط العلاقة بينها وبين مستخدميها فبيئة الانسان الأولى رحم أمه وبيته ومدرسته وبلدته فكل اصطلاح من هذه المصطلحات بيئة، والأرض كلها بيئة والكون كله بيئة فالثابت علمياً ان الجنين يتأثر بغذاء امه وأحاسيسها، فتعتبر الأم هي الطرف الوسيط بين الجنين والبيئة الخارجية وحتى عندما ينفصل الجنين عن أمه، يأتي حاملاً في ثناياه صبغة وراثية في كل خلية من خلايا جسمه، تكون البشرة والعيون والشعر وفصيلة الدم، مما يصح معه القول بأن الكائن الحي هو نتاج البيئة والوراثة معاً.والتفاعل بين الانسان والبيئة قديم، قدم ظهور الجنس البشري على كوكب الارض. فمن الثابت ان البيئة منذ ان استوطنها الانسان، تلبي احتياجاته ومطالبه وتشجع رغباته، ونتيجة لذلك السعي المتواصل لإشباع مختلف الحاجات البشرية تزايدت الضغوط على البيئة الطبيعية باستهلاك مواردها، وزادت النفايات الناتجة عن الأنشطة البشرية عن طاقتها الاستيعابية ووصل الخطر في توازن الغلاف الجوي الحيوي الى طبقة الاوزون التي تحمي البيئة من التعرض الخطير للأشعة فوق البنفسجية. عليه فان التدخل غير السليم من قبل الانسان وانشطته في محتويات البيئة الطبيعية من العوامل الهامة التي أدت الى تدهور احوال البيئة في كثير من المستوطنات البشرية، فالإنسان هو الذي ساهم الى حد بعيد في القضاء على الغابات والى ظهور ما يسمى بظاهرة التصحر، كما قام بتلويث الهواء وذلك بإطلاق ملوثات تتضمن أبخرة لمواد كيماوية وهناك تلوث التربة والمياه السطحية والجوفية... وكل ذلك بفعل الانسان ونشاطاته. ان الاعتداء على الطبيعة ومحتوياتها والتفاعل غير المتوازن بين الأنشطة الحضرية والمناطق الحضرية يؤدي بمرور الزمن الى تدهور البيئة الى أن تصبح الكثير النشاطات التي صممت أصلاً لتأتي بالتقدم والتنمية سبباً في التدمير.وليس من المستغرب القول بان الفكر القانوني العربي لم يدرك مدى الحاجة الى اصدار تشريعات منظمة لحماية البيئة من التلوث الا في وقت متأخر، عندما أصبح جلياً ان تلك الحماية ضرورية لاستمرار الحياة الاقتصادية وان اي اعتداء او وجود خطر بالاعتداء على البيئة يؤدي الى تعطيل عجلة التنمية.