تكييف متطلبات البيئة الوطنية لتطوير القواعد المحاسبية وتحقيق التوافق مع المعايير المحاسبية IFRS/IAS - إطار مقترح

Abstract

تُعد المحاسبة أحد العلوم التطبيقية والاجتماعية وذات أصول تمتد في عمق التاريخ، إذ بدأت أي - المحاسبة - بممارسة أقدم وظائفها التي تتمثل بالاحتفاظ بالسجلات لأثبات المديونية والدائنية بين الأفراد وكذلك متابعة المالك لممتلكاته واثبات التغيرات التي تطرأ عليها فضلا عن تسجيل ما يدفعه الملوك لجنودهم من ماشية أو حبوب أو أحجار كريمة، وان "هذا النشاط الخدمي الذي يقوم به المحاسب يهدف بالدرجة الأولى إلى المحافظة على الأموال والممتلكات وحمايتها من السرقة والاختلاس" (الشيرازي،16:1990).وتأصيلاً يُرجِع بعضهم تاريخ المحاسبة الأول إلى عهد الآشوريين أي حوالي 3500 ق.م من خلال مسك سجلات محاسبية، ويُرجع بعضهم الآخر هذا التاريخ إلى شريعة حمورابي في دولة بابل، إذ كان يستخدم التُجّار البابليون ألواح طينية Clay في خزن بياناتهم (القاضي وحمدان، 13:2013).إنّ المحاسبة لم تنشا من فراغ وإنما نشأت كحاجة مُلحّة لتلبية احتياجات المجتمع من المعلومات، وتطورها لم يحدث فجأة أو دفعة واحدة، فنجد مثلاً بعد توسع التبادل التجاري في أوروبا وما حولها وظهور الثورة الصناعية وما ترتب عليها من زيادة حجم المشروعات والشركات انعكس ذلك إيجاباً على تطوير طريقة حفظ السجلات على أساس القيد المزدوج التي بدورها أحدثت مجموعة متوالية من الطرق والممارسات في تطور المحاسبة، امتدت من القرن السادس حتى وقتنا الحاضر حقّقت تغيرات في تقنيات حفظ السجلات لإثبات أنواع من الصفقات والمعاملات وكذلك ظهور الكشوفات المالية الدورية وتطورها فضلاً عن استخدام حسابات المخزون لأنواع مختلفة من البضائع واتسمت هذه الفترة ايضا بالحاجة إلى محاسبة التكاليف والتعويل على مفاهيم الاستمرارية والاستحقاق والدورية، وتطورت طرق معالجة الموجودات الثابتة واستحداث خمسة طرق لاحتساب الاندثار أمّا القرن العشرين فقد شهد تطور كشوفات التدفقات النقدية فضلاً عن طرق محاسبية لحل مشكلات معقدة تتمثل باحتساب ربحية السهم الواحد ومحاسبة اندماج الشركات والمحاسبة عن التضخم والمحاسبة عن منتجات جديدة عن الهندسة المالية (Jones&Belkaoui،2010:4-5).وهكذا نجد أن أصل المحاسبة ونشأتها هو في حضارة وادي الرافدين - العراق، إلاّ انها تطورت بشكل متسارع في أوروبا وما حولها، ونتيجة تبني الدولة العراقية قبل عام 2003م للنظام السياسي الاشتراكي وعزلتها عن المحيط الاقليمي والدولي في مختلف المجالات ومنها المحاسبة فضلاً عن إنشاء قطاع عام واسع مهيمن على الوضع الاقتصادي والتنموي للبلد ممّا حصر الممارسات المحاسبية على هذا القطاع دون الاهتمام بالقطاع الخاص والشركات الدولية ومتطلباتها بشكل جاد، وبعد تغيير طبيعة النظام السياسي ومحاولات التوجه نحو اقتصاد السوق ممّا استدعى دراسة القواعد المحاسبية العراقية وتطويرها لمواكبة متطلبات البيئة الدولية والتفاعل معها والانخراط فيها.