الرحلة في التراث العربي الإسلامي ودورهافي رفد المعرفة الجغرافية

Abstract

الإنسان جغرافي بطبعه ، فهو منذ نشأته الأولى على سطح الأرض يعمل فكره في كل مايحيط به من ظاهرات طبيعية ، وحينما أدرك الإنسان في حلًه وترحاله تنوًع الصور وتباين الظاهرات بدرجات متفاوتة من مكان إلى آخر ، نشطت لديه غريزة حب الإستطلاع ونمت لديه غريزة حب المعرفة .(1)
لذا فأن من البديهي أن يكون للعرب اهتمام كبير بما يحيطهم من مظاهر جغرافية ذلك إن طبيعة حياتهم اعتمدت على الترحال رعيا" ، وتجارة" ، مما فرض عليهم ان يعرفوا المسالك والدروب المختلفة وأماكن عيون الماء وبطون الأودية .
لقد جاب الرحالة العرب والمسلمون العالم القديم وسجلوا ملاحظاتهم ودونوا معلومات في غاية الأهمية عن التضاريس الجغرافية من جبال وسهول ، ومواقع المدن الكبرى ، وأهميتها السياسية والاقتصادية ودرسوا البحار والأنهار والخلجان والحدود ومواقع المدن ، وتحدثوا عن طرق المواصلات وقاسوا المسافات بينها ، وسجلوا في مدوناتهم أحوال السكان الاجتماعية والاقتصادية ، وربطوا بين البيئة والنشاط البشري ، لما للعوامل الجغرافية من أثر على السكان وصفاتهم وأخلاقهم وعاداتهم ، ودونوا الإحداث التي وقعت خلال رحلاتهم ، وكانت المعلومات الجغرافية الوصفية والسكانية ومعرفة المسالك وطرق القوافل البرية والخطوط البحرية بين موانئ مدن الإسلام ذات أهمية بالغة بالنسبة لدولة إسلامية مترامية الأطراف ، نشطت منها حركة النقل والتجارة ، بسبب ماتمتعت به من أمان واستقرار وازدهار اقتصادي .
واشتهر العرب بحب الرحلة ، وعشق الأسفار واكتشاف المجهول ليس للإستمتاع بإكتساب معارف جديدة فحسب ولكن لأن التجربة والمشاهدة هما السبيل الأمثل للحصول على المعلومات الصحيحة وكشف أوجه الحياة ، وظلت رحلات المستكشفين المسلمين في القرون الوسطى مصدرا" هاما" من مصادر علم الجغرافية . والتي تعتبر من أهم المنجزات التي قدمتها الرحلة العربية إلى الحضارة الإنسانية .