حركة التعريب في عصر الخليفة عبد الملك بن مروان( 65 ـ 86 هـ / 684 ـ 705 م )

Abstract

الحمد لله والصلاة والسلام على محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه . وبعد
إذا كان ثمة موضوعات تستحق أن يبحث فيها أكثر من غيرها في العصر الأموي ، فهي الموضوعات التي تتعلق بالجوانب الحضارية ، وعلى رأسها حركة التعريب ، لما لها من أهمية كبرى في حركة التاريخ العربي الإسلامي ونتائجها الكبرى في شتى المجالات .
لقد أدرك الخليفة عبد الملك بن مروان أن اكتمال السيادة العربية الإسلامية لا تتم إلا بعد القضاء على كل المظاهر الأجنبية ، لذلك عمد الخليفة إلى تعريبها والسيطرة على إدارتها وأعمالها ، حتى صارت الميزة الكبرى لعصر الخليفة عبد الملك ، إنه عصر التعريب ، إذ قاد الخليفة بنفسه حركة التعريب الكبرى هذه ونفذها أمراؤه في أقاليم الدولة المختلفة ، وأتمها من جاء من بعده من الخلفاء ، وشملت هذه الحركة : تعريب النقود ، وتعريب الطراز ، والقراطيس والوثائق الرسمية ، وتعريب دواوين الخراج .
والواقع إن حركة التعريب كانت ضرورة عملية لتأكيد كيان الدولة السياسي والاقتصادي ، وصبغها بالصبغة العربية وعاملاً مهمًّا في توحيد ثقافته ونشرها ، فهي لذلك مرحلة حاسمة من مراحل التطور الحضاري في شتى المجالات .
تناول هذا البحث موضوع حركة التعريب الشاملة في عصر الخليفة عبد الملك بن مروان ، ويقع في أربعة مباحث : تناول الأول منها : ( تعريب النقود المتداولة ) وضرب عملة عربية إسلامية على الطراز الخاص ، فبحثت المحاولات الأولى للتعريب ، وأسباب التعريب ، ثم فصلت في مراحل التعريب الحاسمة وحققت في الصور المنقوشة على النقود ، والتي اعتقد الكثيرون أنها صورة الخليفة عبد الملك بن مروان ، وتوصلت إلى أنها ليست صورة الخليفة عبد الملك بن مروان ، وإنما هي مجرد صورة رمزية تمثل سلطان الإسلام والمسلمين ، وعززت ذلك بعدد مهم من صور النقود النادرة المحفوظة في أشهر المتاحف العالمية .
وتناولت في المبحث الثاني : تعريب الطراز والقراطيس والمكاتبات الرسمية والسيطرة على إدارتها .
أما المبحث الثالث فتناول : ( تعريب دواوين الخراج ) ، فبحثت أسباب التعريب وناقشت آراء المؤرخين القدامى في ذلك ، وعمليات تعريب الدواوين في الشام والعراق ومصر.
أما المبحث الأخير فقد تناول مناقشة أهم نتائج حركة التعريب وعلى جميع الأصعدة .
واعتمدت في بحثي هذا على عدد كبير من المصادر الأولية الأساسية واستفدت منها كثيرًا ، كما رجعت إلى عدد مهم من المراجع الحديثة المعتبرة العربية منها والأجنبية ، ولاسيما في المبحث الأول .