الموازنات بين المصالح والمفاسد في القضايا الطبية المستجدة (تشريح جثث الموتى ) - انموذجاً

Abstract

واشتملت على أهم ما توصلت إليه من نتائج :1: إن فقه الموازنات خاضع للاجتهادات، فقد يصيب صاحبه، وقد يخطئ، فلذلك يجب أن تتسع النفوس للاختلاف، ويتكامل بعضها مع بعض لتحقيق الائتلاف . 2: فقه الموازنات هو العلم بالأحكام الشرعية التي لها حق التقديم على غيرها، بناءً على العلم بمراتبها وبالواقع الذي يتطلبها. أي إعطاء كل عمل أو حل قيمته وقدره في ميزان الشرع .3: فقه الموازنات مدخل جديد لنعيش الواقع المعاصر بكل تحدياته، إيجابياته وسلبياته .4: إن التشريح هو أحد ركائز علم الطب بل من مقدماته ومقوماته، وهو مرتكز أساسي لحذق الطبيب .5: إن حاجة عصر الأوائل لم تقتضِ مباشرة تشريح جثة الإنسان إلا بموضعين، هما: شق بطن الحامل الميت لإخراج جنينها إذا ترجحت حياته، أو شق بطن الميت لو بلع مال غيره أثناء حياته . 6: إن التشريح يهدف، إلى ثلاثة أمور: هي : التشريح لمعرفة سبب الوفاة عند الاشتباه في جريمة، أو التشريح للتحقق من الأمراض، أو التشريح لمعرفة تركيب الجسم وأعضائه .7: إن الباحثين الذين قالوا بالتشريح لم يطلقوا القول في جوازه بل أحاطوه بشروط شرعية يجب توافرها فمتى فُقد شرطاً، فقد الصفة الشرعية، من هذه الشروط : اشتراط التحقق من موت من يراد تشريحه والتأكد من صحته، ووجود الضرورة والحاجة الماسة التي يباح التشريح من أجلها، ووجوب احترام الجثة بحيث لا يؤدي إلى التمثيل، والابتعاد عما لا يقتضيه التشريح، وكذلك يجب لنقل الأعضاء وزرعها أن يكون الانتفاع بها جائز في ميزان الشريعة .8: إن حكم التشريح النظري جرياً على قاعدة تعلم العلوم المباحة وتعليمها وحاجة الناس إلى علم الطب، فهو جائز، بل من فروض الكفاية للحاجة أليه.9: إن الأساس الشرعي الذي يبنى عليه التشريح العملي هي : قواعد الشريعة ومقاصدها، ومن هذه القواعد : الترجيح بين المصالح والمفاسد وتفاوتهما، فأعظم مفسدة تترتب على تشريح جثة الإنسان هي انتهاك كرامته، أما المصالح المترتبة على التشريح فترجع إلى سبب التشريح وهدفه، وبالموازنة بينهما تفيد رجحان المصالح على تلك المفاسد . وكذلك على قاعدة الترجيح بين مصلحتين فترجح مصلحة التشريح على مصلحة حفظ كرامة الميت، فمصلحة الأمة في تشريح الميت أرجح لكونها كلية عامة، وهي عائدة إلى حفظ نفوس الناس، وحفظها من الضروريات التي جاءت بمراعاتها وصيانتها جميع شرائع الرسل، وكذلك على قاعدة الضرورات تبيح المحظورات، وقاعدة ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .10: إن التشريح في ذاته تكريماً للإنسان؛ لأنه يبرز عظمة خلق الله  .11: التشريح لا يعمل به على إطلاقه، فكل تشريح ليس فيه غرض شرعي يحرم الإقدام عليه .وختاماً أرجو أن أكون قد وفقت في إعطاء صورة واضحة عن الموازنة بين المصالح والمفاسد والتي خرج العلماء عليها حكمهم في تشريح جثث الموتى، ولا أدعي أنني استوفيتها، ولكن يمكن القول أنني ذكرت أهمها .وأسأله تعالى أن يرزقنا والعاملين على هذا المؤتمر، نوراً نمشي به في الظلمات، وفرقاناً نميز به بين المتشابهات، وفقهاً يهدينا في مفارق الطرقات، أنه سميع مجيب الدعوات .والحمد لله أولاً وأخراً وأفضل الصلاة وأتم التسليم على الرحمة المهداة أبي القاسم محمد وعلى آله وصحبه وسلم .