@Article{, title={حقوق الانسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الفكر الشيعي الامامي المعاصر}, author={أ.م.د. خالد عليوي جياد العرداوي الحقوقي أسعد دخيل الشمري}, journal={Al-Bahith Journal مجلة الباحث}, volume={20}, number={1}, pages={}, year={2018}, abstract={
المقدمة تمثل حقوق الانسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تلك الحقوق التي تتطلب تدخل الدولة -بصرف النظر عن طبيعة وشكل نظام حكمها -حتى يمكن كفالتها وضمان التمتع بها. ولا يمكن لأي دراسة او نظرية تعنى بحقوق الانسان أن تغفل عن هذه المجموعة من الحقوق فهي تعد الجيل الثاني من الحقوق بعد الحقوق السياسية والمدنية (الجيل الاول) التي بذلت جهود مضنية من قبل البشر من اجل اقرارها وضمانها في المواثيق الدولية، والتشريعات الوطنية. ويأتي البحث فيها كمكمل للتوجهات الرامية الى تعزيزها وترسيخها في الواقع الانساني. ان البحث في موضوع حقوق الانسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الدراسات السياسية والقانونية والاجتماعية ليس جديدا، فهناك كم هائل من الدراسات التي تناولته من زوايا مختلفة، كما ليس جديدا البحث في موقف الاسلام من الموضوع، اذ تصدى الكثير من الباحثين للبحث فيه مؤيدين لوجود هذه الحقوق في الاسلام وبشكل يتساوى او يتفوق على ما اقرته المواثيق الدولية ذات العلاقة تارة، او رافضين ومنتقدين للمنظومة الحقوقية الاسلامية المعنية به تارة أخرى. إذا ما هو الجديد الذي يضيفه هذا البحث الى الدراسات السابقة؟تبرز اهمية هذا البحث من كونه يركز بصورة كلية على موقف الفكر الشيعي الامامي المعاصر من حقوق الانسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في حين ركزت معظم الدراسات السابقة المعنية بالفكر الشيعي على مفكر واحد (فقيه، عالم، شخصية سياسية...) ولا تتناول الموضوع بطريقة كلية تساعد القارئ والمهتم بالموضوع على تكوين تصور شامل عن طريقة تعاطي هذا الفكر مع موضوع حقوق الانسان، بحيث يكون قادرا على عقد مقارنة بين مختلف الاتجاهات الفكرية داخله، بدراسة واحدة مختصرة. وفي الوقت الذي لا يزعم هذا البحث إحاطته الكاملة بالموضوع من مختلف زواياه؛ كونه سيقتصر على ما نراه الحقوق الاساسية من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لكنه يفتح الباب الى مزيد من الدراسات المستقبلية المكملة. فضلا عن ذلك، تبرز اهمية البحث من كونه يأتي في وقت حرج من تاريخ العالم الاسلامي، حيث يجد المسلمون انهم ملزمون ببذل جهود بحثية أكبر ترسخ منظومة حقوق الانسان لديهم في مواجهة موجة التطرف والعنف الشديد التي يتعرضون لها داخل وخارج البلدان الاسلامية، وكذلك نفي تهمة عدم امتلاك دينهم لهكذا منظومة (وفقا لمعايير اسلامية خاصة) والتي غالبا ما يتهمهم بها البعض جهلا او تعمدا. لذا، ينطلق البحث للإجابة عن سؤال محوري مفاده: هل اهتم الفكر الشيعي المعاصر بموضوع حقوق الانسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؟، الاجابة على هذا السؤال ستفتح الباب واسعا امام اسئلة فرعية عدة مثل: كيف تعاطى هذا الفكر مع الموضوع؟، وما هي الاختلافات بين مفكريه؟، وهل ينسجم ما جاء به من اراء مع الشرعة الدولية لحقوق الانسان؟ وللإجابة على هذه الاسئلة تم اعتماد فرضية مفادها: ان الفكر الشيعي الامامي (الاثني عشري) المعاصر شغل موضوع حقوق الانسان عموما، وحقوق الانسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بشكل خاص حيزا كبيرا من كتابات مفكريه، التي استنبطت احكامها من مصادر التشريع الاسلامي المعتمدة لدى الشيعة (الكتاب، السنة، الاجماع، والعقل)، وان مقارنة هذه الكتابات بما جاء في الشرعة الدولية لحقوق الانسان، يكشف عن وجود منظومة حقوقية اسلامية تتساوى او تتفوق عليها، ويمكن التأسيس عليها لبناء دول اسلامية تصون الحقوق والحريات الاساسية لمواطنيها. وقد تم الاستفادة من منهج التحليل المقارن للوصول الى اثبات هذه الفرضية.وللضرورة الاكاديمية جرى تقسيم البحث على مبحثين: الاول سيركز على البحث في الحقوق الاقتصادية الاساسية (حق الملكية، وحق العمل) وبمطلبين، بينما الاخر سيركز على الحقوق الاجتماعية والثقافية الاساسية (حق الضمان الاجتماعي، وحق التعلم والتعليم) بمطلبين ايضا، لينتهي البحث بخاتمة تعرض النتائج والتوصيات الرئيسة.المبحث الأول-الحقوق الاقتصاديةتعد الحقوق الاقتصادية من الحقوق الفردية اللصيقة بشخص الانسان وتعبر عن كيانه واعتباره وانسانيته وبمرور السنين توسعت هذه الحقوق وتفرعت الى حقوق عدة الا اننا سنتناول في هذا المبحث حقين مهمين من الحقوق الاقتصادية ونفصل فيهما وذلك حرصا على عدم تشتيت الموضوع ولاستيفاء المطالب من جوانبها المختلفة وامكانية حصر المصادر الاسلامية الشيعية الامامية والمصادر الدولية، لذا سيتضمن هذا المبحث مطلبين اثنين: المطلب الاول سنتناول به حق الملكية، والمطلب الثاني سنتناول به حق العمل.المطلب الاول-حق الملكيةحق الملكية من الحقوق الاساسية للإنسان، وقد نظمت الشرائع السماوية والوضعية هذا الحق، ضمن أُطر وقوانين مختلفة، فوضعت تعريفات عدة لحق الملكية. فيتحدث (جان جاك روسو) عنه في كتابه العقد الاجتماعي ويشير الى ان الملكية الفردية والملكية الجماعية حق يجب احترامه عند الانضمام الى العقد الاجتماعي المفترض، وأن الشروط الواجبة عند تملك أرض ما، هي: أولا: أن لا تكون هذه الارض معمورة بأحد، ثانيا: ان لا يستولي الانسان منها على غير المقدار الضروري لعيشه، ثالثا: أن لا تحاز بمظهر فارغ، بل بالعمل والحرث، أي هذا الدليل الوحيد للتملك الذي يجب ان يحترمه الاخرون عند عدم وجود مستندات قانونية...ان الميثاق الاساسي، بدلا من نقض المساواة الطبيعية يقيم على العكس، مساواة معنوية وشرعية مقام ما قدرت الطبيعة أن تضعه من تفاوت طبيعي بين الناس، وان الناس إذ يمكن ان يتفاوتوا قوةً وذكاءً فانهم يتساوون عهداً وحقاً"( ). فيعتمد في توزيع الملكية الفردية على معايير القدرة البدنية والكفاءة العلمية والعملية. وعرف الدكتور محمد حسين بهشتي( ) الملكية من الناحية الاجتماعية بقوله:" الملكية، علاقة اجتماعية اعتبارية تعاقدية بين شخص او مجموعة اشخاص، وبين شيء ما، تدل على شرعية تصرف المالك بملكه، وتعطيه الحق في منع الاخرين من التصرف به...وهذه الشرعية نسبية ومتغيرة، وتتفاوت في الانظمة الاجتماعية المختلفة، وليست الملكية مسالة عينية فيزيائية بل هي مسالة عينية اجتماعية"( ). وعرف الدكتور عبد الغني بسيوني الملكية الفردية بقوله: " تمثل الملكية ثمرة النشاط والعمل الفردي، ويعبر حق التملك عن حرية اقتناء الاموال من عقارات ومنقولات، وحرية التصرف فيها وفي انتاجها دون قيود( )". وأن حق الملكية هو "حق الانسان في أن يكون مالكاً ويتصرف في ملكه بشكل لا يضر بأحد، وحقه في أن يصان ملكه، ولا ينزع عنه إلا في احوال خاصة ينص عليها القانون ولقاء مقابل عادل"( ).} }