@Article{, title={فاعول من أبنية العربية الفصيحة}, author={عبد الجبار عبد الأمير هاني}, journal={Misan Journal of Academic Studies مجلة ميسان للدراسات الاكاديمية}, volume={5}, number={10}, pages={38-49}, year={2006}, abstract={المقدمـــة:
يتناول هذا البحث دراسة واحدٍ من أبنية العربية الجارية في كلام العرب ، ويجلو حقيقة أن هذا البناء أصيلٌ في العربية غير مُستعار إليها .
كلّ ذلك من خلال الشواهد الفصيحة من كلام العرب فضلاً عما ورد منه في القرآن الكريم وما جرى على لسان الرسول محمد (ص ) .
وقد وقف صاحبهُ على آراء علماء العربية المتقدمين في هذا البناء ليخلصَ بعد ذلك إلى جملة حقائق ، مفنداً حجج مَن زعم أن هذا البناء ليس بعربيّ .
كما تناول جملةً من مسائل هذا البناء من حيث الدلالة وصيغ الجمع التي عليها ، وماهية الألف فيه..
ومن الله نستمدُ العون ....
من خصائص العربية ، وأبواب اتساعها ، وفرة وتنوع أبنية الأسماء فيها ، ودلالة كل منها على معنى ، أو أكثر ، من المعاني المفهومة عند العرب على تباين أصقاعهم ولهجاتهم .
وهذا الباب ـ أبنية الأسماء ـ ظاهرة لغوية قديمة حفلت بها العربية الفصحى وهي كائنة في أخواتها السامية ، كذلك ، كما تدل الدراسات المقارنة ، على أن العربية ، كما يبدو ، قد امتازت عليهن بأنها أوفرهن أسماء وأكثرهن أبنية ، لما اتسمت به هذه اللغة الشريفة من تصرف في الكلام وتوسع في الاشتقاق .ومن يستقري الشعر العربي في عهوده المتقدمة استقراء متأنياً لا بـد أن يخرج بإعجـاب وعجب شديديـن لتلك الكثرة (( الهائلـة مـن الصيغ ))
وقد أدرك علماء العربيةـ منذ القرن الثاني الهجري ـ اتساع هذا الباب ، في كلام العرب الفصيح ، وجهدوا في حصره ، مشافهة حيناً وتدويناً آخر ، وأول من حاول ذلك سيبويه ( ت 180هـ ) في كتابه، كما نعلم . وقفا على أثره آخرون إرادة الحصر والإحاطة به ، فلم يكد أحد يستوعبه لبعد غوره ، وتشعب أطرافه.
قال أبن القطاع في كتابه ( الأبنية ) :
(( قد صنّف العلماء في أبنية الأسماء .. وأكثروا منها ، وما منهم من استوعبها ، وأول من ذكرها سيبويه في كتابه .. وما منهم إلا من ترك أضعاف ما ذكر ... ))
ومرجع ذلك إلى اتساع اللغة واختلاف اللهجات ، ووفرة النصوص ، وكل أولئك يتعذر معه حصر ما يصدر عن العرب ، رغم كثرة الرواة والعلماء ، وتنوع أشكال الرواية.
وإذا كان هذا الاتساع قد عرفته العربية ، وفطن له علماؤها منذ عصر الرواية والتدوين ، فليس وراءه ما يزري بخيال أهلها ، أو يقدح في شأن هذه اللغة الشريفة ، ولسنا نرى في ذلك غير منزلة العربية وقدرها بين لغات الأمم المجاورة لها ، وقدرة العرب ، كذلك ، على استخراج الألفاظ ارتجالا وطبعها ، على سمت ما استعملوه وخطبوا به .
وإذ كان تاريخ العربية يدلنا ، كذلك ، على أنها لم تعدم قادحا فيها أو طاعنا في أساليبها فأننا لا نعدم بين المعاصرين أمشاجا ممن لم تكن مزاعمهم أهون من مزاعم القدماء ، وقد ذهب هؤلاء مذاهب شتى ، وإن اتفقت أغراضهم في أن يسلبوا العربية قدرتها على اختراع علومها ، وطبيعتها في توليد الصيغ والأبنية . وإن نسبوا جهود علمائها إلى عناصر دخيلة ، فمن زاعم أن أحكام النحو التي قيدها علماء العربية لم تكن جهداً عربياً خالصاً وأن (( السريان .. هم الذين أعانوا العرب )) في ذلك مقتفين سنن الأغريق ، ومن معتقد بأن الخليل ( ت 175هـ ) لم يعمل العروض اختراعا بل أنه (( رأى كتابا في العروض السنسكريتي )) فانتفع به وحذا حذوه .!
وما كانوا ليقفوا عند هذا بل وجدت بعضهم يشمر عن عمله في أصول بعض الأبنية والصيغ لينسبها إلى غير لسان العرب ، وكأنه قد جاء بنبأ عظيم ! محتجاً بأدلة ينكرها واقع اللغة والاستقراء الصحيح ، والتثبتُّ السليم ، مخالفاً في ذلك سنن علماء العربية من القدماء ، الذين جهدوا في التحري والتنقيب عن أصول جملة من الألفاظ في كلام العرب ، وما رأينا أحداً منهم عزا هذه الصيغة أو تلك إلى الحبشة أو الروم ، وإذا وجدتهم قد ذهبوا إلى أن الكنيسة مثلا معرب ( كنشت ) ، بنوها على ( فعيل ) بمعنى اسم المفعول ، فأنهم لم ينسبوا ( فعيلاً ) إلى غير لغتهم ، وكذا تعريبهم ألفاظا أخرى على غير هذا البناء .
من هنا تجيء محاولة هذا البحث للردّ على من زعم أن بناء ( فاعول ) ليس أصيلا في العربية ، ونود قبل أن نشرع في خوض مسائله أن نلفت القارئ الكريم ـ وتلك أمانة ـ إلى أن الأب مرمرجي الدومنيكي قد نظر في هذا البناء قبلنا وصرح بأصالته في العربية والسريانية ، إلا أنه ـ رحمه الله ـ لم يحتج له في العربية إلا بما ساقه من ألفاظ وردت في كلام العرب ، أما نحن فقد ذهبنا مذهباً آخر ، في النظر في الشواهد ، وعرض لآراء علماء العربية ، كما نظرنا في أصل هذا البناء بين أبنية العربية الأخرى ، وما يتضمنه من دلالات مختلفة . وصولاً إلى النتائج المبتغاة .

} }