TY - JOUR ID - TI - الخطاب الديني الفضائي ، سماته وانعكاساته على شرائح المجتمع AU - Abdul Nabee Ghazaal عبدالنبي خزعل PY - 2011 VL - 3 IS - 13 SP - 7 EP - 27 JO - ALBAHITH ALALAMI الباحث الإعلامي SN - 19958005 26179318 AB - .

يعد التلفزيون من بين وسائل الإعلام الأخرى الوسيلة الأكثر موضوعية والأقرب إلى الحقيقة وذلك للارتباط الشديد بين حاستي السمع والبصر والإدراك الذهني للصور والأصوات الطبيعية التي ينقلها التلفزيون مباشرة عن الحدث. فالإنسان بطبيعته لا يحتاج إلى ما يؤكد مصداقية ما يراه بعينه أو يسمعه بأذنيه بينما يحتاج إلى ذلك فيما ينقله الآخرون إليه من معلومات حتى قيل أن الرؤية أساس الاقتناع . لكن خطورة التلفزيون لا تكمن في أن القائمين عليه يستفيدون من خاصية تجزيء الصورة أو المشهد المصور لنقل جزء منه وتعميمه إلى المشاهدين وإخفاء الأوجه الأخرى من الحقيقة فحسب وإنما أيضا في قدرته على ترسيخ واقعية المشهد بشكل يتجاوز الواقع نفسه حينما يعاد ترتيب اللقطات لتجميع مشهد ما بدلالات مغايرة أو تصوير جانب منه وإهمال الجوانب الأخرى أو تغييب عناصر الزمن والمكان أو المناخ النفسي والاجتماعي الذي يؤلف السياق الحقيقي للحدث . لذلك هناك من يرى أن التلفزيون في هذا الإطار يعد وسيلة ما فوق واقعية بمعنى أنها واقعية أكثر من الواقع وأن الأشياء التي تذاع عبرها تكتسب أهمية تفوق الحالة التي كانت عليها من قبل. وبما أننا نستمد وعينا بالواقع من التلفزيون فأي شيء لا يبث فيه يبدو أقل واقعية لأن القضايا السياسية تستمد أهميتها منه وكذلك تكتسب السلع والخدمات جاذبيتها منه وحتى الكتب كما يقول الباحث الفرنسي بودريار تستحق أن تقرأ عندما تظهر على التلفزيون . وفي مجتمع خرج لتوه من أتون نظام شمولي استبدادي شديد المركزية واحتلال عسكري هو المجتمع العراقي حيث تحاول جهات خارجية شتى تحريك التنوع الطائفي والديني والعرقي الجميل ضده . فإن تعددية الخطاب الديني الفضائي في ظل اختلاف الرؤية المنهجية والأهداف لا تساعد بكل تأكيد على تكوين رأي عام موحد تجاه مختلف القضايا ، ولا على تصفية الخلافات بين الجماعات والطوائف ، ولا على تشكيل توافق من أي نوع كان . بل تزيد المشكلة تعقيدا ، ذلك أنها في أحسن الأحوال تسهم في إدراك جزء محدد من الموضوعات وتركيز الانتباه عليها وكأنها تمثل الحقيقة الكلية للإسلام ، وتهمل الحديث عن المشتركات الأساسية للدين وضرورات توحيد الكلمة والرؤى تجاه القضايا الوطنية . لقد أضحت الفضائيات الدينية ساحة تنافس خطابي ، دعائي ، دعوي ، استعراضي لاستمالة قطاعات من الجماهير إلى الموضوعات التي تنادي بها والآراء الفكرية والعقدية التي تؤمن بها وأصبحت في بعض الأحيان منابر تحريض على الآخر ومصدر للعداوة والبغضاء أكثر منها نوافذ للإيمان والمحبة والإخاء .
ولما كان تعدد الخطاب الديني الذي تنطلق من رؤاه هذه الفضائيات من شأنه التأثير على هوية المجتمع الثقافية وشخصيته الوطنية الموحدة كان من الضروري دراسة انعكاسات هذه الظاهرة
الإعلامية على شرائح المجتمع وبخاصة طلبة الكليات الإسلامية باعتبارهم الشريحة الأكثر اهتماما وتأثرا بمضامين هذا الخطاب لكونه المادة المساندة للمنهج الأكاديمي الذي يدرسون ولحاجتهم الروحية والثقافية إليه شأنهم في ذلك شأن بقية أفراد المجتمع للإقتداء ولاتخاذه مثلا في السلوك ER -