TY - JOUR ID - TI - تجزئة الجمهور الوطني في ظل تعدد الفضائيات العراقية في المجتمع AU - Abdul Nabee Ghazaal عبد النبي خزعل PY - 2012 VL - 4 IS - 15 SP - 7 EP - 27 JO - ALBAHITH ALALAMI الباحث الإعلامي SN - 19958005 26179318 AB -

التعددية الإعلامية ظاهرة حديثة برزت في المجتمعات الديمقراطية المعاصرة وبخاصة تلك التي تتميز بالحيوية والإنفتاح الحضاري وتموج بالحراك الاجتماعي والسياسي . وقد ساعد التطور التكنولوجي على انتشارهذه الظاهرة مع تصاعد تأثير الرأي العام المطالب بالإصلاح والتغيير . وبعد التاسع من نيسان عام 2003 شهد الإعلام العراقي نقلة تطورية نوعية لا في لغة الخطاب الفكري أو الآيديولوجي والتقنيات الفنية والتكنولوجية والصيغ والأساليب فحسب بل وفي تعددية التخطيط والسياسات الإعلامية ومؤسسات الإعلام نفسها وما يعنيه ذلك من حرية صياغة الرسالة الإعلامية وإنتاجها على وفق الأهداف والسياسات التي تؤمن بها .وإذا كان التعدد في المجتمعات المستقرة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا حالة تنم عن الحيوية والتجدد التي تلبي الرغبات المتعددة وإشباع الاهتمامات المختلفة للجماعات أو الأفراد بما يتناغم مع ديناميكية الجماعات والأفراد ، فإنها في المجتمعات القلقة تعكس حالة من اللااستقرار نفسه فيبرز التساؤل المركزي التالي : هل أن التعددية الإعلامية في ظل التحول السياسي الذي يشهده العراق مصدر قوة للمجتمع أم مصدر ضعف . وبمعنى آخر هل يساعد الخطاب الإعلامي المتعدد للمؤسسات الإعلامية المختلفة السياسات والمرجعيات على تجزئة المجتمع أم يزيده التنوع بصيرة واطلاعا وبالتالي قوة وتوحدا ؟إن هذا البحث يحاول أن يعطي قراءة موضوعية لآثار المشهد الإعلامي العراقي الذي يكتظ بعشرات الفضائيات والصحف والإذاعات التي يتحدث كل منها بخطاب مرئي ومسموع أعلى حتى من مؤسسات الدولة وخارج مدى التأثير الحكومي الذي يفترض أنه يعبر عن الثوابت الوطنية للشعب ليعبر عن خصوصيات مذهبية أو عرقية أو حزبية أو فئوية أو مناطقية بعيدة كل البعد عن مصلحة الوطن . صيغت مشكلة البحث على شكل فرض رئيس يتوجب الوصول إلى معرفة الحقائق عنه : ( أن تعدد وسائل الإعلام العراقية كان سببا لتجزئة الجمهور الوطني إلى أجزاء أصغر . فهو ـ أي التعدد ـ عامل ضعف وليس عامل قوة .)واستخدم الباحث المنهج التحليلي الوصفي لمسح واقع وسائل الإعلام في ظل التعدد الذي تشهده وآثار ذلك على جمهور المجتمع العراقي . مسترشدا بالمنهج المسحي الذي يعتمد الوصف والتحليل لدراسة هذه الظاهرة من جوانبها المختلفة والتعرف على معطياتها وتحليل أبعادها .وقد تمثل مجتمع البحث بجمهور مدينة بغداد خلال النصف الثاني من عام 2007وقد أظهرت نتائج البحث أن العائلة العراقية برغم تعدد وسائل الإعلام وتنوع الاختيارات من بين الكثير من البرامج التي تعرضها الفضائيات ، ما تزال النسبة الغالبة منها تفضل الاجتماع إلى بعضها ومشاهدة البرامج التلفزيونية ، غير أن نسبة مهمة من العوائل تبلغ 43 % من حجم العينة بدأت تميل إلى المشاهدة المنفردة وتبتعد بالتالي عن أجواء التفاعل التي تصاحب المشاهدة الجماعية . وبالتالي فإن تفرق العائلة أو توزعها على مشاهدات مختلفة وفضائيات تعبر عن انقسامات سياسية أو فكرية أو مذهبية لا يساعد على تكوين رؤية موحدة مما يجري بل ربما كانت عاملا مساعدا في تجزئة الجمهور الوطني نفسه الذي بدوره يتكون من مجموع العوائل العراقية . كما أظهرت نتائج البحث ازدياد نسبة تفضيل المشاهدة المنفردة التي تكبحها في بعض الأحيان رغبات الطرف المسيطر في العائلة . وقد لا يجد أحد أفراد العائلة مناصا من المشاهدة الجماعية مع الأسرة حينما لا تمتلك العائلة أكثر من جهاز واحد . أو حينما يرغم على المشاهدة مع الأسرة وبخاصة حينما يكون المتلقي أنثى أو أصغر سنا من بقية الأفراد . وقد أجاب 55 % من عينة البحث أنهم يفضلون مشاهدة البرامج لوحدهم بينما أجاب 45 % منهم أنهم يفضلون المشاهدة مع أفراد العائلة . كما أجاب 32.5 % من المبحوثين أنهم كثيرا ما كانوا يتفقون مع بقية أفراد العائلة على تفضيل برامج بعينها ساعة عرضها . فيما أجاب 56 % منهم أنهم قليلا ما يتفقون على ذلك .كما كشفت نتائج التحليل أن الصورة المثالية للعائلة المتماثلة في الصفات النفسية والمزاجية والمتفقة على رؤية واحدة للأحداث انسجاما مع آمالها ورغباتها المشتركة , لم تعد كما كانت . بل إن اتساع طيف الاختيارات التي يتيحها التنوع الواسع في وسائل الإعلام حاليا ، وتعدد الضغوط التي يواجهها أفراد العائلة في المجتمع في ظل الظروف الجديدة وكذلك الفارق العلمي والنفسي والمزاجي المرتبط بالعمر ، قد فسح المجال واسعا الى عدم الاتفاق على مشاهدة برامج بعينها في أوقات معينة .وأظهرت النتائج أن 26 % من المبحوثين كانوا يميلون إلى الثبات على اختيار فضائية واحدة من بين الفضائيات الكثيرة المتاحة في أجهزة استقبالهم والتي يستطيعون التعرض إلى برامجها فيما أكد 148 مبحوثا ونسبتهم 74 % من عينة البحث أنهم قليلا ما يثبتون في مشاهداتهم التلفزيونية على فضائية واحدة ، وأنهم كثيرا ما يظلون يتنقلون من فضائية إلى أخرى بحسب المزاج أو الظرف النفسي لكل منهم . ويفيد الثبات في ترسيخ المواقف وتعزيز الاتجاه لكنه بالمقابل يحرم المشاهد من التعرض للاتجاهات المقابلة التي تمثلها منابر الفضائيات الأخرى . وبينت النتلئج بوضوح تعارض في رغبات المشاهدة عند بعض أفراد الأسرة مع بعض ، وحالات من الاستجابة والرضوخ ، فيما تبين حالات أخرى نوع من التمرد والرفض والإصرار على مشاهدة ما يرغب به البعض رغم تعارض ذلك مع رغبات الآخرين . وهذه المؤشرات يمكن أن تنمو وتتبلور إلى حالة من الانعزال عن الجو العائلي إذا ما توفرت في البيت القدرة عند الأفراد على امتلاك جهاز تلفزيون خاص بكل واحد من أفراد الأسرة . كما ذكر 62 % من عينة البحث أنهم يفضلون مشاهدة بعض القنوات العراقية على غيرها من القنوات العراقية الأخرى بسبب أن هذا البعض يخاطب المجتمع العراقي ككل بنفس المستوى والاهتمام . بينما ذكر 11 % منهم أن سبب ذلك يعود إلى أنهم يجدون أن خطابها الديني أو السياسي والثقافي بشكل عام يتوجه إلى أبناء الطائفة أو الحزب الذي ينتمون إليه . وذكر 27 % منهم أن هذا التفضيل يعود إلى أنها تتضمن عرض موضوعات وأخبار لا يحتويها الإعلام الرسمي أو القريب منه ER -