TY - JOUR ID - TI - الوحدة الاسلامية من منظور قراني AU - الدكتور أسامة عبدالوهاب الحياني PY - 2012 VL - IS - 12 SP - 116 EP - 148 JO - tikrit university journal for sientific asslmic مجلة جامعة تكريت للعلوم الاسلامية SN - 11592073 AB -

المقدمةالحمد لله الذي جعل الأخوة ميزان الإيمان، وجعل الفرقة والاختلاف حراما بين الإخوان، والصلاة والسلام على سيد الأنام ومصباح الظلام أبي القاسم محمد وعلى آله وصحبه أهل التقى والغفران.وبعد فمما لاشك فيه أن موضوع الأخوة مقصدا من مقاصد الشريعة الإسلامية ومن دواعي الإيمان التي حث عليها القرآن ونبينا عليه الصلاة والسلام، فتعددت آيات الله تعالى في الأمر بالأخوة والتمسك بها، والترفع عن كل ما يخدش هذه الخصلة والخصيصة التي جعلت منهجا وطريقا للمسلم في كل عصر ومصر.إن الوحدة الإسلامية هي الحل الأمثل لمشكلات العصر الذي نعيش ظُلمَه وظُلمتَه، فالهرج والمرج يحيط بعالمنا الإسلامي من كل صوب وجانب، والتفرق والاختلاف هو السائد في عالمنا الإسلامي الكبير، فما أحوجنا إلى توحيد الكلمة ورصف الصف ولمِّ الشمل لنكون يدا واحدة أمام أعداء أمتنا ولاسيما نعبد ربا واحدا ونؤمن بنبي خاتم ونتجه الى قبلة واحدة.ومن هذا المنطلق كتبت بحثي عن "الأخوة الإسلامية من منظور قرآني" مسترشدا بالقرآن الكريم وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، فهما سبيل النجاة لكل حادث في كل زمان ومكان، ولما كان القرآن الكريم كتاب هداية ونظام حياة شامل أجد بالرجوع إليه في إعادة وحدة الأمة بعد تفرقها الطريق الصحيح لسعادة هذه الأمة، وكذا سنة النبي صلى الله عليه وسلم فهي مكملة له ﭽ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭼ النحل: ٤٤. إن الناظر لتاريخ هذه الأمة قبل الإسلام وبعده يدرك الحدث العظيم الذي أصاب العرب، فقد كانوا أصحاب جاهلية، القوي يقتل الضعيف والغني يأكل الفقير والتفرق والخصام والاقتتال الشعار البارز فيما بينهم، وخير مثال على ذلك حرب البسوس والأوس والخزرج عشرات السنين يقتتلون وعلى ماذا على ناقة، إنه الجهل والحقد والعداوة، فلما جاء الإسلام نقلهم من هذا الحضيض ومن هذا الحال الى أفضل حال حيث ساوى بين القوي والضعيف والغني والفقير وآخى بينهم، وكان من أبرز أعمال الرسول صلى الله عليه وسلم حينما هاجر الى المدينة أن آخى بين المهاجرين والأنصار، فضربوا لنا أروع الأمثلة والتاريخ حافل بشواهد على ذلك، قال تعالى : ﭽﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭼ الأنفال: ٦٣.لقد مرت أمتنا الإسلامية عبر العصور بحالات ضعف كثيرة شهدت تكالب الأعداء عليها والصراع الداخلي فيما بينها على كرسي الحكم ثم قامت من جديد ونهضت، ثم انتكست وهكذا، إلى أن وصلت إلى أدنى مستوياتها في عصرنا الحاضر والواقع خير مثال على ما تعانيه أمتنا من تمزق وتشتت.إن قراءة متأنية لما يحصل فينا وحولنا تنبئنا عمق المأساة التي نعيشها، فما الحل لهذه المشكلات وما الخطوات التي ينبغي أن نعمل بها للوصول الى الوحدة الحقيقية التي ننشدها؟لقد أجاب عن هذا السؤال وفطن له الأعداء قبل الأصدقاء، قال المفكر والأديب الإنجليزي برنارد شو: "إنّ رجال الدين في القرون الوسطى، ونتيجةً للجهل أو التعصّب، قد رسموا لدين محمدٍ صورةً قاتمةً، لقد كانوا يعتبرونه عدوًّا للمسيحية، لكنّني اطّلعت على أمر هذا الرجل، فوجدته أعجوبةً خارقةً، وتوصلت إلى أنّه لم يكن عدوًّا للمسيحية، بل يجب أنْ يسمّى منقذ البشرية، وفي رأيي أنّه لو تولّى أمر العالم اليوم، لوفّق في حلّ مشكلاتنا بما يؤمِّنُ السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها". نعم صدقت أيها الأديب إن محمدا صلى الله عليه وسلم بيده حل مشاكل العالم كله بما جاء به من منهج قويم في إصلاح الأفراد والجماعات والأمم.إن مجموع هذه المعاني، من تفرق وتشتت تعيشها مجتمعاتنا، وحاجة ملحة تفتقر إليها أوطاننا للخروج من هذا الحال، هو ما دعاني أن أسطر حروفا وأنقش جُملا، تهدف إلى صياغة رؤية واضحة وطريق سالك من شأنهما العدول عن هذا الطريق الأدلج إلى سبيل منير أبهج، وتوصيف محل الخلل، ومنبع الزلل، ببحث متواضع أرسم فيه حدود هذه الخطة المنشودة نحو مجتمع آمن حافل بالسلام والطمأنينة بزاد الكتاب الأنور والسراج الأزهر، الوحي المبين، والحكم العدل، الذي آن الأوان أن تفزع البشرية إلى طريقه ومنهجه؛ لتخلص إلى بر آمن، وموطن سالم تنعم المجتمعات بروعة بنائه، ويتروى أبناء هذه المعمورة بعذب مائه. وقد اقتضت خطة البحث أن يشتمل على مقدمة وأربعة مباحث، وكما يأتي:المبحث الأول: آيات الوحدة في القرآن الكريم دراسة تحليلية. وقد ذكرت في هذا المبحث أبرز المواضع القرآنية الدالة على وحدة الأمة وتماسكها، وحللت بعض ألفاظها والدروس والعبر المستفادة منها في ترصين الوحدة والأخوة الإسلامية.المبحث الثاني: آيات النهي عن التفرق والاختلاف بين المسلمين. وقد اشتمل هذا المبحث على بعض من المواضع الواردة في نهي الأمة عن التنازع والتقاتل فيما بينها، ووقفت عند أبرز معاني هذه الآيات والدروس المستنبطة في تعزيز وحدة الأمة.المبحث الثالث: أبرز العوامل المؤدية إلى التفرق والاختلاف. وقد عرضت في هذا المبحث إلى الخلاف الفكري والمذهبي وأثره على وحدة الأمة، كما ذكرت أحد أهم عوامل تشتت الأمة في هذا الوقت بالتحديد وهو الميل السياسي والوضع الاقتصادي في مجتمعنا المعاصر.المبحث الرابع: خطوات عملية في طريق الوحدة الإسلامية. وذكرت فيها أبرز الوسائل والطرق الناجعة في إنقاذ الأمة الإسلامية من تشتتها وتمزقها.وأخيرا أسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه وأن ينفع به إنه سميع قريب مجيب. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ER -