التصوير غير الحقيقي أو (التدليس) كعيب من عيوب الرضاء في القانون الانكليزي(دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي والقانون المدني العراقي)

Abstract

المقدمة:
بسم الله جاعل العلمً نوراً والجهل ظلمةً، ثم الصلاة على سيدنا محمد بن عبدالله معلم الناس الخير، وعلى اله وصحبه أعلام الهدى والخير والفلاح وبعد، فإننا ارتأينا أن نتناول موضوع دراستنا هذه من خلال الفقرات الآتية:-
أولاً: مدخل تعريفي بموضوع البحث :
يمثل التصوير الحقيقي أو ما يسمى بالانكليزية( misrepresentation )عيباً من عيوب الرضاء في القانون ألانكليزي ويمكن ترجمته أيضاً بالوصف غير الصحيح أو كما يعرف في القوانين المقارنة الأخرى بالتدليس أحياناً والتغرير أحياناً أخرى والواقع أن هذا الاصطلاح المستخدم في اللغة الإنكليزية والمعمول به في النظام القانوني الانكلوسكسوني هو مزيج من البادئة (mis-) ومعناها سيء أو غير صحيح أو غير سليم. وكلمة (representation) ومعناها وصف أو عرض أو تقديم أو تصوير فيكون المعنى المرجو منه في الاصطلاح القانوني هوالتصوير غير الصحيح، أو الوصف غير الصحيح أو (التصوير غير الحقيقي) أو (الوصف غير الحقيقي).
وهو غالباً ما يحدث في التعامل عندما يقوم أحد الطرفين المتعاقدين بالإدلاء ببيانات غير صحيحة أو كاذبة تخص التعاقد بشكل عام ومحل العقد بشكل أخص. والقانون الإنكليزي بوصفه أحد القوانين المتأثرة بخاصية معينة تتعلق بتفسير بنود العقد لذلك فإننا غالباً ما نرى قيام الأطراف المتعاقدة، وقبل إبرام العقد مباشرةً بالإدلاء ببيانات موجهة إلى بعضهم البعض تهدف إلى حث أو ترغيب أو أقناع أو أستمالة الطرف الأخر بالدخول في العقد وإبرامه لذلك فان الملاحظ بان بعض هذه البيانات أو المعطيات يمكن أن تفسر في إطار القانون الانكليزي كبنود عقدية يعطي الإخلال بها الحق للطرف الآخر الحق في إقامة دعوى تسمى في القانون الانكليزي دعوى الإخلال بالعقد(Action for breach of contract) في حين أن هناك بيانات أخرى لا ترقى إلى منزلة أو مرتبة البنود العقدية بل تمثل ما يسمى مجرد أوصاف( representation mere) وهي بيانات عند الواقع يتم الإدلاء بها لأجل غاية واحدة هي حث أو ترغيب أو إقناع الطرف الأخر للدخول في التعاقد أو لإبرام العقد. ومن المتفق عليه(1) في ظل القانون الانكليزي فان عملية التمييز بين البيانات التي تمثل بنوداً عقدية والبيانات التي تكون مجرد وصف للواقع هي عملية صعبة للغاية ومعقدة.
إذ أن الإخلال بمجرد الوصف أو الأوصاف المجردة لا يكون سبباً لإقامة الدعوى في ظل القانون الانكليزي لان ذلك يمثل ما يعرف بالكذبة التجارية أومايسمى بـــ( هراء تجاري "mere trade puff" ) يهدف إلى إقناع الطرف الأخر بإبرام العقد كما أشرنا. ولكن في حالات أخرى فان الإخلال بتقدير هذه الأوصاف قد يرقى إلى مرتبة التصوير أو الوصف غير الصحيح أو غير الحقيقي أو ما يعرف بالتدليس والتمييز في كثير من الأحيان يدق بين الحالتين لذلك فأننا سوف نحاول من خلال هذه الدراسة التعرف على البيانات والمعطيات التي تمثل أوصافاً غير صحيحة (أو كاذبة) وبيان أنواعها ودراسة طبيعتها القانونية والجزاء المترتب على الإخلال بها من خلال مقارنتها بالنظم القانونية الأخرى ومنها الشريعة الإسلامية السمحاء وبعض القوانين المقارنة.