نزاهة الاستفتاء العام دراسة قانونية مقارنة

Abstract

عرف القرنين العشرين والواحد والعشرين موجة من الانتقالات الديمقراطية، حيث قامت عدة دول بالانتقال من أنظمة شمولية أو شبه شمولية إلى أنظمة ديمقراطية، أي الانتقال من قواعد لعبة مغلقة إلى قواعد لعبة مفتوحة، مبنية على التنافس والنزاهة والشفافية، فالمرحلة الفاصلة من نقطة الصفر(أي النظام القائم) إلى نقطة النظام الديمقراطي؛ هي مايسمى بالانتقال الديمقراطي، هذه الأخيرة تطرح عدة إشكاليات خاصة في تحديد هذه المرحلة وتصنيفها وكذلك تميزها عن مفاهيم أخرى مشابهة لها كالانفتاح السياسي، وديناميكية الحقل السياسي والليبرالية السياسية والتحول الديمقراطي هذه الإشكاليات مرتبطة بعاملين أساسيين.أولها : هو أن مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية تتميز بالهشاشة وأنها مرحلة هجينه ومرحلة مخاض يصعب التكهن بنتائج هذا التحول، هل حقيقية سوف يفضى إلى نظام ديمقراطي أم إلى نظام أخر؟ فلا يعني التحول- بما يحمل هذا المصطلح من حياد دائم- الانتقال إلى الديمقراطية، فقد يكون التحول من اجل تكريس النظام القائم أو لإقامة نظام أكثر شمولية فتحديد طبيعة المرحلة تتطلب أمرين: إما انتظار انتهاء المرحلة ثم القيام بالتقييم وجرد المكاسب، وهو أمر جداً صعب يضع الباحث في(انتظار قاتل) أو الارتفاع فوق المرحلة واعتماد معايير ومؤشرات وهي كمية قابلة للرصد والملاحظة وتمكن من تحليلها . السبب الثاني يهم مسالة تحديد المفاهيم فالانتقال الديمقراطي مرتبط بتحديد مفهوم الديمقراطية في حد ذاته فمع عدم الاتفاق حول تعريف محدد للديمقراطية يصعب تحديد مفهوم خاص بالانتقال الديمقراطي فان تقيم الديمقراطية على أساس إنها: (هي مشاركة اكبر عدد من الشعب في تسيير شؤونه) فان التعريف هذا يعتمد على عناصر مادية وقانونية تتجاهل إن الديمقراطية هي ثقافة سياسية واجتماعية. تضاف إلى الإشكاليات السابقة إشكاليات أساسية في الانتقال إلى الديمقراطية وهي مداخل هذا الانتقال هل هو مدخل دستوري سياسي أم انه مدخل اقتصادي أم ان المدخل ثقافي . وتستمد الممارسات الانتخابية الصحيحة في إطارها الديمقراطي أسسها من التشريعات المنظمة لها لذلك يعد القانون الانتخابي الركيزة الأساسية في حرية الرأي فيما تعزى الانتهاكات والأخطاء إلى خلفية وضعف الإطار القانوني لهذه التشريعات والنواقص التي تعكس صورة سلبية للانتخابات أو الممارسات الانتخابية بالإضافة إلى الظروف البيئية التي ترافق سير وتنفيذ الإجراءات الانتخابية. يعتبر الاستفتاء نتيجة لعملية معقدة وتحتاج إلى مشاركة العديد من الفرقاء والمعنيين ففي كل عملية استفتاء عام هناك نتائج ايجابية وأخرى سلبية لذلك فان درجات الاهتمام بعملية الاستفتاء عالية والإغراءات كثيرة لمحاولة الفوز بالنتيجة التي تحقق غاية المستفيدين حتى وان كان ذلك من خلال اللجوء إلى وسائل أو ممارسات غير قانونية أو غير أخلاقية، حيث يمكن أن يتم التلاعب بالنتائج لتحديد النتيجة المطلوبة كما ويمكن أن نجد محاولات للتأثير على الاستفتاء العام، الأمر الذي يرمي بضلالة على شرعية العملية برمتها, لذا فالاستفتاء العام الذي يخلو من النزاهة من شانه تقويض أهداف الاستفتاء العام ولا يمكن اعتباره نزيه وعادل.