الجودة ونظم إدارتهـا المواصفة الدولية ISO 9001 دراسة حالة في معمل سمنت الكوفة

Abstract

إن الموقع الاستراتيجي المتقدم الذي وصلت إليه الجودة(*) Quality في منظمات الأعمال المعاصرة وما رافقها من مفاهيم وفلسفات حديثة لم يكن ابتكاراً من ابتكارات العصر الحالي، بل ان له جذوره الموغلة في القدم. وتُنسب أقدم الاهتمامات بالجودة إلى الحضارة البابلية في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، حيث سطر الملك البابلي حمورابي في مسلّته الشهيرة أولى القوانين التي أولت الجودة والإتقان في العمل أهمية خاصة، إذ تشير المادة 229 منها "إذا كان بناءً قد بنى بيتاً لرجل ولم يحسن عمله، بحيث انهار البيت الذي بناه وسبب موت صاحب البيت، فسوف يقتل ذلك البناء" (العبودي، 1990: 269).كما وجد في مسلّة حجرية تعود لدولة قتبان اليمنية القديمة وفي وسط عاصمتها (تمنع) نقش أثري من عهد الملك (شهر هلال بن يدع أب) يؤكد على الاهتمام بالجودة وحماية المستهلك من الغش الصناعي، إذ ينص "إذا دخل تاجر سوق شمر بتجارة يود ان يبيعها ليلاً، وجب على الناس ان ينفضوا من حوله حتى يطلع النهار" (الشيبة، 2000: 40) بالإضافة للعديد من الأدلة المماثلة في حضارة وادي النيل. ثم جاء الدين الإسلامي الحنيف منذ بزوغ فجره على البشرية ليؤكد على قيمة العمل وضرورة إتقانه، ولنا في حديث النبي الكريم محمد () (ان الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً ان يتقنه) خير دليل وتوجيه باعتماد الإجادة في العمل شرعة ومنهاجاً في الحياة. أما حديثاً فقد كان للنتائج المهمة التي أحدثتها الثورة الصناعية جانباً رئيساً من التطور الذي حدث في مفاهيم الجودة وفلسفاتها وأدواتها، ويمكن عدّ التطوير المهم الذي قدمه العالم الإحصائي (W. Shewart) (**) للرقابة على الجودة (QC) Quality Control في بداية العشرينات من القرن الماضي البداية العلمية الحقيقية لمرحلة الجودة بمفهومها الحديث، والتي لازالت مستمرة حتى الآن، والتي كان لإسهامات الرواد (Deming، Juran، Feigenbaum، Crosby، Ishikawa، Taguchi) أثر كبير في تشكيل وصياغة فلسفاتها وأدواتها.