شعر علي الفتَّال دراسة في أغراضه و لغته الشعرية

Abstract

زخر الشعر العربي المعاصر بشعراء عديدين من ذوي المشارب المتنوِّعة والاتِّجاهات المتباينة،والأساليب المختلفة،وهذا خير برهانٍ على كونه ذا سماتٍ طبعته بطابعها،ومن ثم غدا له مداره الذي يدور حوله،ولا غروَمن هذه الحقيقة،إذ إن لكل عنصر مقوِّماته التي يعتمد عليها،ومنابعه التي يمتاح منها،وهذا التصوُّر نعثر عليه في الشعر العراقي المعاصر،لكونه جزءًاً من الأدب العربي بخاصة والأدب العالمي بعامة. ومن دواعي الشعور بالغبطة أن يقف ناقد الأدب - أو من يروم الولوج إلى عالمه - على خواطر شعرية تضم أفكاراً ثريَّة الدلالات متنوِّعة الاتِّجاهات وخاصِّةً عندما تكون منبعثة من شاعر عرك الحياة وبلا تجاربها،ذلك أن من يخضْ في غمراتها وينجح في التغلُّب على لأوائها – بسموِّ همَّتهِ وقوَّة روحهِ – يغدو شاعراً يُشار إليه بالبنان،وسرعان ما يتألَّق نجمه،شريطة أن يتمكَّن من أدوات الشعر التي تُسعفه أيَّما إسعاف في مجال البيان عن عواطفه وسوقها إلى المتلقِّين. والشاعر المعاصر علي الفتَّال من بين الشعراء الذين لم ينفكُّوا عن تلك الرؤية،وراح – ولم يزل – ينظم من وحيِ أفكاره وعواطفه شعراً لا يفتقر كثير منه إلى القوة والجمال والإثارة، وفي ذلك دليلٌ على قلبه الفيّاَض بالحب وقلمه السيال بالفكر،لذا نجده غزير الشعر من منطلق إيمانه بأن الشعر حياة،وأنه نداء الروح،وأن على الشاعر الحق أن لا يتوقَّف معينه عن التدفُّق ما دام بين جوانحه فكرٌ متوثِّب وشعورٌ صادق،ومقدرة على الإفصاح،هذه الحقيقة متَّصلة تمام الاتِّصال بما يُعرَف عنه من خلقٍ حسن وإرادة صلبة وطموحِ شديد إلى نيل الآمال وطرق أبواب المستقبل.وخير برهان على ذلك شغفه بالعلم،فلم يُبالِ بتقادم عمره، وتوافد سنيه،واستمرَّ يعب من منهل العلم،توَّاقاً إلى الحصول على الشهادات العليا؛ليُعبِّر عن حقيقة كونه إنساناً محبَّاً لبني جلدته وساعياً إلى تقديم النفع لهم. ولما كان الشاعر الفتَّال يتمتَّع بقوَّة الشخصية واتِّساع الثقافة،وتعدد التجارب ووجود المقدرة الفنية على نقلها إلى الآخرين رغبنا في دراسة لغته الشعرية لِما فيها من مضامين حَرِيَّة بالاهتمام والمتابعة ولكون اللغة في الشعر من المقوِّمات الرئيسة التي يعتمد عليها بناؤه،واتَّبعنا في هذه الدراسة منهجاً يقوم على الاستقراء والتحليل بغية الظفر بالنتائج التي تكون موضع عناية القُرَّاء. ولا بدَّ من الإشارة إلى أن هناك عدداً من الدراسات والمقالات التي تناولت أدب الفتَّال وشخصيَّته،ولم تُركِّز على لغته الشعرية،من أهمِّها:1- (علي الفتَّال في انعكاسات المرايا)/ثلاثة مجلَّدات- تأليف الدكتور عبود جودي الحلِّي.2- السراج الخافر-تأليف الدكتور سالم هاشم أبو دلَّة.3- مدارات الأسئلة – تأليف ناظم السعود.واقتضت منهجية البحث أن يقع في مبحثين وخاتمة.يتناول المبحث الأول فنَّه الشعري،وما يتطلَّبه ذلك من بيان وما يضمُّه من أغراض موثقا بشواهد من نتاجه الشعري المناسب .أما المبحث الثاني فيتناول لغته الشعرية،من خلال بيان مقوِّمات هذه اللغة وما تتسم به من صفات،وهو مدعومٌ أيضاً بالشواهد الشعرية المناسبة. نامل أن يكون البحث إضاءة لمحورٍ مهم من محاور شعر شاعرٍ يستأهل من قُرَّائه ومُحبِّيه كل إجلالٍ وتقديرفضلا عن إغناء ثقافة المتلقي بما يُفيده ويمتِّعه في هذا المجال.