جماليات البنى التصميمية في الفن البصري

Abstract

تندرج جماليات التصميم ضمن إطار البحث المعرفي والدلالي والفني والعلمي لعمليات الترابط المتمثلة بعناصر البناء وأسس التنظيم بوجه عام ، وتشكّلات البناء المفاهيمي (الفكري) بوجه خاص ، بحيث يغدو التصميم كـ(فن) ، قاعدة تستند عليها أطروحات الجمال الحديثة ، والتي تتنافذ عبر مصادر شتى ، من بينها الفكر الفلسفي (الضاغط وبقوة على مهيمنات ومرتكزات طبيعة الفن وعمليات إنتاجه) ، ومناهج النقد الحديث من جهة ، والتحولات التقنية والعلمية وثورة الإتصال والمعلوماتية من جهة أخرى . الأمر الذي بات يحرّك التزاوج الحاصل بين مختلف الفنون النظرية والتطبيقية والبنى الفنية المجاورة لهما ، إلى مستوى متقدم ، لم تشهد له حركات الفن الحديث مثيلاً ، بهذه الصورة الشمولية والكبيرة ، التي شهدتها مرحلة ما بعد الحداثة ، بحيث إنعكس هذا الأمر على(فن التصميم) فذاع بين أنواع الفنون الأخرى وخصوصا الفن البصري (op art) ، محتلاً مكانةً مرموقةً في التأثر والتأثير بالمجتمع ، وبالذائقة الفنية ، التي رحّبت بطروحاته الفنية والجمالية ، والتي دخلت في شتى مكونات الحياة ، فنجد أن الإحساس بالجمال المنبثق من أطروحات التصميم ، بات يشكل هاجساً متنامياً لسبر أغوار معرفة جديدة ، تعد بمثابة فاصلة حقيقية مهمة في تاريخ الفكر الجمالي بيد أن فن التصميم البصري كان يؤسس وفقاً لمشروعية تداوليته ، أبحاثاً تطبيقية لتحقيق إدراك فعلي لماهية الجمال ، من خلال إشتغاله في عملية الربط بين البنى الفنية والبنى العلمية ، والتي كانت تجد في طبيعة التعامل معها ، إستيضاحاً لجدوى الإتصال والإنفصال بين مناهج الفن الحديثة والقديمة وبين طرق إنتاج الأعمال التصميمية ، بأبعاد المتحقق من القيم الوظيفية / النفعية ، والذوقية التي تعزز التقارب الجمالي من حيثيات الإستخدام الشامل للعمل التصميمي وبهذه الصورة ، فإن الفارق الذي يتعزز في ثيمة التقابل الموضوعي للفن البصري بات يشكل تأسيسا للشكلية في فن التصميم ،وينتج أفعالاً تطابقية لأشكال التعبير وتنظيم الأفكار والموضوعات والصياغات الأدائية ، والتي من شأنها جميعاً أن تحمّل العمل التصميمي المنجز ، طاقة ذات رؤية بصرية فنية ، تتضح معالمها البنائية من خلال الإفصاح عن مكنونات التداخل الوظيفي للمادة التصميمية ، وإنجذابها للفعل الجمالي والذوقي في آن واحد، ويتضح ذلك في رسومات الفن البصري على يد اعلامه (فازاريلي ، رايلي، سوتو، ألبرت). وفي هذا الإطار ، تنساق البنى التصميمية في الفن البصري ، إلى مستويات متعالية من الترميز (بنية رمزية) والإستظهار البنائي (بنية متمظهرة) والإستكشاف عن المستتر (بنية ثانوية في ثنايا النص التصميمي) ، وتتعامل بصيغ المعطيات التراكمية التي تؤسس رؤية فكرية تنشا من التجريب والبحث في الحقل الدلالي للمعرفة الجمالية ، وهذا ما شكل أهمية واضحة لهذه الدراسة في التصاميم التجريدية الخالصة، وفي نتاجات التصميم البصري التي تحمل طروحات الطابع الحداثي في الفن. ومن هنا نجد ان هنالك حاجة ضرورية لهذه الدراسة تتمثل في كونها لم تدرس بشكل تفصيلي وبالكيفية التي سيعتمدها الباحثان في دراستهم هذه ، وأن هنالك فراغا معرفيا في هذا الميدان ينطلق من أشكالية فهم العناصر والاليات التي تتشكل في المنجز البصري بالنسبة للمتلقي، والتي تهتم بأفعال التصميم ،و بعض الإحالات الميتافيزيقية لها ، لإنتاج صيغ من الدلالة ، تؤشر وسائل بإستطاعتها خلق ملامسة جدلية لفحوى التصميمات المنتجة بحيث تتكون رؤية داخلية ذاتية للمصمم عبر مجموعة إستجابات ميتافيزيقية ، بخلاف حالة الوعي التي قد تفرض عليه ، كبنية فكرية تحدد أفق التقاربات والتجاذبات بين هيكلية البناء التصميمي وتعدد ملامحه الجمالية .