جهود علماء الأنبار في القراءات حتى القرن الثالث الهجري

Abstract

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد.فإن لعلماء الأنبار دوراً مشرقاً في تاريخ الحضارة الإسلامية والعربية وتطورها، فقد برز من حواضرها العلمية أئمة كبارا ي بهم، وأوعية للعلم يقصد مجلسهم، ساهموا في الرقي الحضاري، والتطور الفكري لهذه الأمة، وأثروا المعرفة الإنسانية، بما خلدوه من آثار ناطقة بعلو شأوهم، وسبق سهمهم.ولما كان علم القراءات من أعلى علوم الإسلام قدرا، وأوفرها أجرا، وأدقها مسلكا، فقد نال من اهتمام الأنباريين نصيبا وافرا، اشتدت عنايتهم بقراءة القرآن، وتجردوا لتحقيق رواياته، وتوجه إليها طلبهم، فكان منهم أئمة محققون، ولهم فيها روايات وطرق عن أئمة الأمصار تروى عنهم.وهذه الدراسة تبين جهود العلماء في الحواضر العلمية في الأنبار في علم القراءات، تلقيا، وتلقينا وتعليما، وتأليفا، وتحقيقا، وتأثيرا وانتشارا لها في الأمصار. ولا أعني بعلماء الأنبار هم المنتمون إلى مدينة الأنبار فحسب، وإنما جميع الحواضر العلميةالأنبارية المنتمية إلى مدن محافظة الأنبار، وقد قمت باستقراء وجمع لقراء الأنبار عبر الأعصار حتى القرن الثالث عشر الهجري، وبحثت عن جهودهم في القراءة، ووقفت على مناحي نشاطاتهم فيها، وترجمت لأبرزهم في علم القراءات، ومما يجدر ذكره هنا أنني في الترجمة لقرائهم حرصت على ذكر شيوخهم وتلامذتهم فيها، وإذا ترجمت لشيوخ قراء الأنبار ذكرت شيوخ الشيوخ لغرض معرفة الأسانيد، وأوجزت في ذكر تلامذة الشيوخ، وإذا ذكرت تلامذة قراء الأنبار بينت في تراجمهم تلامذة التلامذة لبيان أثرهم. ولما كانت الكثير من مدن الأنبار تشتبه النسبة إليها مع النسبة إلى مواضع أخرى، مثل النسبة إلى (الأنبار وهيت وجبة وحديثة وعانة)، فقد اقتصرت في الدراسة على من تحققت نسبته إلى مدن محافظة الأنبار، واستغنيت عمن اشتبهت نسبته ولم تتبين بيقين.وقسمت الدراسة هذه على مبحثين، تسبقهما هذه المقدمة، وتعقبهما الخاتمة.المبحث الأول: تلمست فيه جهود الأنباريين في القراءات، ومعالم آثارهم فيها. المبحث الثاني: ترجمت فيه لأبرز قراء الأنبار، وجهود كل منهم في علم القراءات. والله الموفق.