براعة الاستهلال وحسن الخاتمة في شعر زهير بن أبي سلمى

Abstract

يدرس هذا البحث جانبين في بنية القصيدة عند الشاعر زهير بن ابي سلمى المزني، الا وهما براعة الاستهلال و حسن الخاتمة.
وعصر زهير بن ابي سلمى عصر اكتمال القصيدة العربية ممثلة في تلك المقدمة الطللية وذكر ديار الأحبة الظاعنين والوقوف عند اثارهم وما خلّفوه حول واحات المياه والعيون والينابيع، وجوب الصحراء على ناقة تتمتع بكل صفات القوّة والصلابة لمقاومة حرّ الصحراء وقطع فيافيها واطرافها المترامية، وصولا الى ممدوح الشاعر ليحط رحاله بين يديه ذاكرا ومشيدا بخصاله وافعاله وشجاعته ومن ثمّ يخلص الى حكمته في الحياة وما خبره من تجاربها، وبيان الغاية والهدف من رحلته تلك، وهذا لا يكون الا في آخر القصيدة( ).
وشاعرنا ممن اتسم شعره بالمديح في اغلب ما قاله وما جاء في ديوانه، ولكنه مديح لم يكن من اجل غاية مادية لذاتها أو لنيل سمعة أو مكانة اجتماعية بقدر ما كان إشادة بممدوحيه، هرم بن سنان والحارث بن عوف اللذين وجد فيهما نعم السيدان والجوادان لما قاما به من تحمّل ديّات الحرب وفداء قتلاها في حرب داحس والغبراء، تلك الحرب الضروس التي كلّفت العرب كثيرا فاستطاع هذان السيدان إيقاف تلك الحرب فذاع صيتهما بكرمهما وجودهما وسماحتهما.
وكان زهير على صلة قوية بآل سنان بن أبي حارثة المرّي زعيم بني مرّة العظفانيين( ) وقد مدحهم ببواكير شعره– كما يتوضح لمن يقرأ ديوانه( ) وأكثر من ذكر خصالهم الحميدة وفعالهم الكريمة. وعندما توفي سنان- وكان ذلك قبل انتهاء حرب داحس والغبراء– تولّى هرم زعامة بني مرّة، فسعى هو وابن عمه الحارث بن عوف لحقن دماء الحرب وإطفاء نارها وإخماد سعيرها المضرمـة.