قرينة السياق وأثرها في النصّ القرآني

Abstract

النصّ القرآني معجز في كلّ جانب من جوانبه ويجذب الباحث جذبا مغناطيسيا نحوه لكي يتلمس مواطن الإشراق في مستوياته التعبيرية والإبداعية ولاسيما الجوانب التي تمنح الباحث مجالات واسعة وعميقة لكي ينهل ما يشاء من علوم القرآن الكريم ،ومن خلال متابعتي لموضوع دراسة القرائن اللفظية والمعنوية والحالية وغيرها في الجملة العربية تلمّست نوعا مهما من القرائن في الأثر والوظيفة وهو ما يعرف بقرينة السياق وتسمى كذلك بكبرى القرائن السياقية ،وهذا التلمس جعلني أتابع الموضوع وأفكر جديّا أن أبحث فيه لعلي أصل إلى ما أبتغي ؛فجاءت فكرة البحث وشرعت بالعمل بعد أن تابعت مفهوم القرينة لغة فوجدته أقرب إلى المصاحبة ومن ثمّ تابعته اصطلاحا وانتقلت بعد ذلك إلى معنى السياق لغة وقدمت ملخصا موجزا عن المعنى اللغوي للقرينة والسياق وسوف أسعى لأجد العلاقة ما بين الدلالة اللغوية لهما وما بين الدلالة القرآنية المستخدمة لهما إذ دلّت المعاني اللغوية لهما على المصاحبة والانزياح والتحول من مكان إلى آخر ؛ووجدت أن القرآن يستخدم مفهوم السياق بمعنى الحركة والدفع والانزياح ،ولاحظت أن قرينة السياق من الأهمية بما لا ترتقي له أية قرينة أخرى من حيث الدلالة على المعنى لذا اهتم المفسرون والبلاغيون والدارسون بموضوع السياق اهتماما أعطى الموضوع عمقّا علميا وفكريا بعيدا وتناول البحث بعض آراء الدارسين المعاصرين في هذا الجانب ،وكشف عن الأهمية التي أناطتها الدراسات المعاصرة لقرينة السياق كونها من كبرى القرائن اللغوية بل اتجه المتحمسون لهذه النظرية إلى أن الكلمة لا معنى لها خارج السياق ،ومن ثم أخذت آراء بعض المفسرين في فهمهم وكيفية تعاملهم مع قرينة السياق ؛ولمست أنهم يولون قرينة السياق أهمية قصوى كونها تعمل على مساعدتهم في كشف أسرار الكثير من المعاني والخوض في اختيار الكلمات القرآنية إذ تعاملوا مع النص القرآني كونه نصّا مقدسا فاشترطوا في المفسر أن يراعي السياق اللغوي فيتم استحضار النص القرآني بأسره عند تفسير بعضه .وذكرت بعض المعطيات عن علاقة العلماء والمفسرين بالسياق ،وثم ذهبت لبعض التطبيقات والنماذج القرآنية لكي ألتمس أثر قرينة السياق على النص القرآني وكانت محاور التطبيق على ثلاثة هي :أثر السياق في ترجيح الألفاظ، وأثر قرينة السياق في الترادف ،وأثر قرينة السياق في تماسك النص وترابطه .وذكرت على كل نوع من الدراسة أمثلة تطبيقية من السور والآيات القرآنية ،وتوصلت إلى القدرات العالية التي تتمتع بها قرينة السياق في فضّ المعاني المشتركة وإحالاتها سياقيا إلى معان صغرى تكمن في اللفظة ويغذيها السياق؛فضلا عن كون السياق هو المعبر الرسمي عن الأعجاز القرآني فالمعاني تنشأ من التركيب والتركيب ينشئ جملا والجمل تصنف بحسب السياق الكلي للقرآن وتفهم كذلك بحسبه؛ويعمل على ربط وتماسك الأجزاء الخارجية للنص والأجزاء الخفية على نحو يوحي بأهمية وضرورة كبرى لهذه القرينة التي فيها جوانب كثيرة ومتنوعة لازالت بحاجة إلى متابعة ودراسة للبحث عنها من جميع الزوايا والجوانب الفكرية والعلمية وحاولت أن أقدم رؤية جديدة وقراءة تعبيرية لهذه القرينة المهمة أسأل الله السداد في التفكير والنية والحمد لله ربّ العالمين.