الجرائم ضد النسل

Abstract

الجرائم محظورات شرعية زجر الله تعالى عنها بحد أو تعزير.والحد : هو العقوبات المقررة التي قدرها الشارع في موضعها المنصوص عليها بكتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.والتعزير: هو العقوبات التي ترك لولي الأمر تقديرها بحسب ما يرى به دفع الفساد في الأرض ومنع الشر، وقد أثبت الاستقراء أن أحكام الشريعة الإسلامية كلها تشتمل على مصالح العباد، وهي ترجع على خمسة أمور: ما فيه حفظ الدين، وما فيه حفظ النفس، وما فيه حفظ العقل، وما فيه حفظ النسل، وما فيه حفظ المال. وذلك لأن الدنيا التي يعيش فيه الإنسان تقوم على هذه المعاني التي لا تتوافر الحياة الإنسانية إلا بها، وأن الله سبحانه وتعالى قد كرم الإنسان في هذا الوجود قال تعالى: ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا (الإسراء: 70)وهذا التكريم يقتضي توافر هذه الأمور الخمسة والمحافظة عليها ومنع أي اعتداء عليها.والمحافظة على النسل، هي المحافظة على النوع الإنساني بتنظيم الزواج، ومنع الاعتداء على الحياة الزوجية، وتحريم الزنا وفرض الحد له، لأن في ذلك اعتداء على الأمانة الإنسانية التي أودعها الله جسم الرجل والمرأة، ليكون منها النسل والتوالد، الذي يمنع فناء الجنس البشري ويعيش عيشة مستقرة هنيئة، ولذلك كانت عقوبة الزنا وغيرها من العقوبات التي وضعت للجرائم التي فيها اعتداء على النسل، ومخالفة للقاموس الاجتماعي. فوجوب حد الزنا لصيانة الابضاع عن التعرض للضياع، ولأنه فاحشة عظيمة ومن الكبائر العظام- التي فيها أضرار بالغة الخطورة على الفرد والمجتمع من الناحية النفسية، والجسمية والاجتماعية، والاقتصادية، وقد اتفقت الشرائع السماوية على تحريم الزنا، وكان حده في الإسلام من أشد الحدود لما فيه من جناية على الأعراض والأنساب، ولمساسه بكيان الجماعة وسلامتها، إذ أنه اعتداء على نظام الأسرة، والأسرة هي الأساس الذي تقوم عليه الجماعة، ولأن في إباحته إشاعة للفاحشة، وهذا يؤدي إلى هدم كيان الأسرة، وفساد المجتمع وتصدع وحدته وانحلاله وانهيار مقومات الأمة، والشريعة تحرص أشد الحرص على بقاء الجماعة متماسكة قوية، سليمة من الأمراض الاجتماعية وغيرها، ونظرة الشريعة الإسلامية إلى طبيعة هذه الجريمة تختلف عن نظرة القانون الجنائي الوضعي، فالزنا في الشريعة جريمة حدية منصوص عليها من حيث التجريم ومن حيث العقاب لا فرق بين الزاني المحصن (المتزوج) وغير المحصن (غير المتزوج).وفي القوانين الجنائية الوضعية، الزنا لا يعد جريمة توجب العقوبة تلقائيا، ولا يسأل الزاني جنائياً، إلا إذا أقام أحد الزوجين الدعوى، وعليه فلا يعاقب أحد الزوجين قانونا إذا رضي الزوج الآخر بارتكابه جريمة الزنا، وله عدم تحريك الدعوى حتى وإن وقع الزنا بدون رضاه فهي جريمة فردية خالصة في القانون.أما في الشريعة الإسلامية، فالزنا يعد اعتداء على حق المجتمع (حق الله أو الحق العام)، فهو محرم لذاته، ولا أثر للرضا في تجريم الفعل وعدمه. فيجب استيفاء حد الزنا وان ارتكبت الجريمة باتفاق الطرفين. سواء أكانا متزوجين أم غير متزوجين، إلا إذا أكره أحدهما وارتكبت معه الجريمة اغتصاباً. فلا يُستوفى الحد بالنسبة للمزني بها إكراهاً واغتصاباً، أما الزاني المغتصٍب فتطبق بحقه العقوبة الحدية الواجبة على هذه الجريمة.فلا تتأثر هذه العقوبة بالتراضي بين المجرمين، أو التنازل أو امتناع أحد الزوجين من تحريك الدعوى، لأن أثر جريمة الزنا لا يقف عند مقترفيه بل يتعدى أثره إلى المجتمع كله.وبعد هذا التمهيد سنتناول أحكام جريمة الزنا في الشريعة الإسلامية، والإشارة إلى ما جاء في القوانين الوضعية، في المباحث التالية:أولاً:تعريف الزنا وحكمه التكليفي.ثانياً:أركان جريمة الزنا وشروطها.ثالثاً:وسائل إثبات جريمة الزنا.رابعاً:عقوبة جريمة الزنا.

Keywords

جريمة، نسل