الرجـوع في الهبـة وموانعـهُ في الفقـه الإسـلامي والقانـون العراقي

Abstract

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد  وعلى آله وصحبه أجمعين.وبعــد...يباشر الإنسان في حياته أنواعاً مختلفة من التصرفات القولية والفعلية تترتب عليها آثار متنوعة بعضها لازم لا يصح الرجوع فيه كالبيع، وبعضها غير لازم لأحد العاقدين كالرهن أو كلاهما كالإعارة والوكالة، إلا أن هناك بعض التصرفات لازم أحيانا وغير لازم أحيانا أخرى كالهبة التي تدل في ابسط معانيها على تمليك مال لآخر بلا عوض، هي باب من أبواب البر والإحسان وهي صفة من صفات الكمال التي وصف الله  بها نفسه قال تعالى: أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ( ) ، والمرء إذا باشر فعل الهبة فقد اتصف بصفة من صفات الكمال- وان كان هذا القياس الفارق- وابعد نفسه عن الشح قال تعـالى:وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ( ).ومن آثاره الاجتماعية إدخال السرور إلى قلب الموهوب له، وحصول المودة والمحبة بينهما ، وإزالة الضغينة من القلوب قال الفضيل بن عياض ((ما استرضي الغضبان، ولا استعطف السلطان ولا سلت السخائم، ولا دفعت المغارم، ولا أستميل المحبوب ولا توقي المحذور بمثل الهدية))( ).وهي من أعمال البر والفضائل التي ندبت إليها الشريعة الغراء ومع هذا فقد يكون الرجوع عنها مشروعاً إذا رأى الواهب أنها لا تحقق الغرض الذي أنشأت من اجله، أو حدث ما يبرر له الرجوع عنها، بل قد يكون الرجوع أولى كما في قوله  لبشير  في هبتـه لولـده النعمان(( فأرجعه)) لمصلحة التسوية بين الأولاد ولمنع العداوة والبغضاء بسبب التفرقة بينهم، على الرغم من أن النصوص تدل على كراهيـة الرجوع فيها لقولـه  ((العائد في هبته كالكلب يعود في قيئهِ))( ) وانه- الرجوع- على خلاف الأصل القاضي بالندب إليها لأنها سبب من أسباب المودة والتعاون والبر والإحسان.وللوقوف على آراء الفقهاء وأدلتهم في الرجوع في الهبة وموانعه سنقسم الموضوع إلى مبحثين يتناول الأول منها الرجوع في الهبة أما الثاني فسيكون في موانع الرجوع فيها- مع الإشارة إلى موقف المشرع العراقي من خلال القانون المدني العراقي رقم (40) 1951، والذين يتضح منه انه يأخذ برأي الفقه الإسلامي وخاصة الفقه الحنفي من خلال مجلة الأحكام العدلية العثمانية، وهذا البحث مستل من رسالة الماجستير الموسومة أحكام الهبة في الفقه الإسلامي للطالب حسين أحمد علي النجدي المقدمة إلى كلية العلوم الإسلامية في جامعة بغداد تحت إشرافي سنة 1420هـ - 1999م وقد حصلت على درجة الامتياز. نسأل اللهأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاهإنه نعم المولى ونعم النصير

Keywords

هبات، فقه، قانون