البرهان واستدلالاته في القرآن

Abstract

الحمد لله الذي جعل القرآن برهانا ، وأيد موسى ببرهانين لفرعون وملائه حجةًًً وسـلطانا ، وتدارك بالبرهان يوسف لطفاً وإحساناً ، ونصب بالوحدانية من كل موجود في الكون دليـلاًوبرهاناً . وأصلي وأسلم على محمد الصادق البيان ، وعلى آله و صحابته والتابعين لهم بإحسان .وبعــد : فقد تعددت أوجه الاستدلال في القرآن الكريم ، سواء كانت ًدليلاًًًًً أم بينة أم حجة أم سلطاناً أم برهاناً .وهـذه الألفاظ أو الأوجه قريبة المعنى بعضها من بعض في الظاهر ، ولكن القرآن أستخدمها كلٌ في موضعه الدقيق ، فكل لفظة في القرآن لها استعمالها الخاص الذي وضع له ، لاتغني عنه لفظة أخرى ولو كانت قريبة المعنى منها . وهذه الأوجه التي ذكرها القرآن تدليلاًعلى أوجه الاستدلال فيه ، قد تأتي لتكون دليلاً عقلياً أو نقلياً أو حسياً .وقد عظّم القرآن شأن الدليل والبرهان في دينه ، وناط به تصديق دعوىالمدعي وردها ، بصرف النظر عن موضوعها ، حتى كأن من جاء بالبرهان على الشرك يصدق به ، وهو من فرض المحال وذلك للمبالغة في فضل الاستدلال .فإن كل اعتقاد أو دعوى لايقيم معتقدها دليلاً على اعتقاده فهو اعتقاد مردود وكاذب ، إذ لو كان له أدنى دليل لأستطاع التعبير عنه ، حتى لايكون كاذباً عند من يريد أن يروج عليه اعتقاده . فقد يسأل الرجل عن قولٍ قاله عن الدليل والحجة على صدق ما قاله ، فيقال له :أعطني برهانك على ماتقول ، فيثبته له إن كان صادقاً ، ويعجز عنه إن كان كاذباً .