الاحتياط عند الأصوليين

Abstract

1.الاحتياط حجة عند الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والزيدية والاباضية والمعتزلة. إلا أن أكثر المذاهب أعمال له المذهب المالكي، لأن من أصوله الاجتهادية التوسع في سدّ الذرائع ومراعاة الخلاف، وكلاهما ضرب من الاحتياط تدفع به المفاسد المتوقعة أو الواقعة وتراعى المآلات بما يستوفي مصلحة الإنسان في العاجل والآجل. 2.لا يفهم من موقف الإمام ابن حزم رفض الاحتياط جملة وتفصيلاً، فان من اشبع النظر في رده على المخالفين يدرك بوضوح وجلاء انه لا ينكر الورع واجتناب مظاِّن الريب، وإنما إنكاره منصرف إلى إثبات التحليل والتحريم من جهة الاحتياط، ؛ لان لا شرع إلا بالنص، والشرع أحوط علينا من أنفسنا واعلم بمواطن الاحتراز والحزم. 3.الاحتياط هو وسيلة لتحصيل المنفعة، وقد يكون لدفع مفسدة فهو وسيلة لتحصيل ما تحقق وجوبه، فإذا دارت المصلحة بين الإيجاب والندب، فالاحتياط حملها على الإيجاب، وإذا دارت المفسدة بين الكراهية والتحريم، فالاحتياط حملها على التحريم، لما في ذلك من تحقيق براءة الذمة، فالمحتاط على كلا الحالتين فائز بمرضاة الله تعالى. 4.ينقسم الاحتياط إلى قسمين هما المحمود و المذموم. والاحتياط المحمود ينقسم إلى احتياط واجب واحتياط مندوب، وللاحتياط الواجب خمس قواعد هن 1. اختلاط المباح بالمحظور 2. اشتباه المباح بالمحظور 3. الشك في العين الواحدة اهي من قسم المباح ام من قسم المحظور 4. ترجيح المحرم على ما يفيد الندب. 5. ترجيح الوجوب على ما سوى الحرمة. أما الاحتياط المندوب فيتنوع إلى نوعين هما: اولاً: ما كان من قبيل مراعاة الخلاف والخروج منه. ثانيا: ما كان من قبيل الورع. أما الاحتياط المذموم فينقسم إلى قسمين: ما كان من قبيل الوسوسة وما كان من قبيل الحرج والمشقة. 5.وضع القائلون بالاحتياط ضوابط حتى يصح العمل به أهمها: أن لا يؤدي العمل بالاحتياط إلى محذور شرعي، من مخالفة كتاب أو سنة أو إجماع أو اقتحام أمر مكروه ؛ وكذلك أن لا يكون في المسألة المحتاط فيها نص من كتاب أو سنة، وكذلك يجب أن تكون الأدلة المتعارضة متقاربة ؛ وكذلك يجب أن يقوى مدرك الخلاف بحيث لا يعد هفوة وبمراعاة هذه الضوابط والشروط لا يوجد في الاحتياط ما يصلح أن يكون محلاً للنزاع، إنما الخلاف بين القائلين به والمنكرين له ما هو إلا خلافاً لفظياً. وختاماً أرجو أن أكون قد وفقت في إعطاء صورة واضحة عن الاحتياط عند الأصوليين. وكما أرجو أن أكون قد أسهمت في خدمة أصول الفقه الإسلامي بما ذكرت من مسائل أصولية وفقهية.