إشكالية العمل الفني بين رؤية المخرج ورؤية الممثل السينمائي

Abstract

وصف إزنشتاين الصراع بين الممثلين والمخرجين بالصراع بين " الذئاب والماشية " فهي تبدو إشكالية كبيرة بوجهين مختلفين ، بين المخرج الذي يريد تحقيق رؤياه ، والممثل الذي يريد تجسيد فهمه وتصوره للشخصية ضمن هيكلية البناء السردي للقص الفيلمي . وهذه إشكالية لم تكن وليدة اليوم . وإنما هي إشكالية رافقت الإنتاج السينمائي منذ أن أصبح فنا . ففي حديث "لتاليلر" كاتب السيرة الشخصية للمخرج ألفريد هيتشكوك قال : " إن كبار الممثلين من جون فونتين إلى جريس كيلي ، و من بيتر لورا ، إلى كارل كرانت. ليسوا سوى خراف في طبقات السيناريو المنقحة تنقيحا دقيقا. " . فيما يحاول الكثير من الممثلين اليوم - على وجه التحديد - من يتجاهل ويستخف بمقدرات المخرج . فيصر على خياراته ، ويؤدي ما يراه ، ويحدد التجربة والموقف والسلوك من عيناته . كونه ذا إرادة ، وليس إمعة أوتابعا . وهنا يحتدم الصراع بين عنصرين مهمين يشكلان جوهر صناعة السينما . فبقدر ما لعب المخرجون دورا كبيرا ومهما في تطور الفن السينمائي ، وتحريكه إلى أمام مكتشفين أسرار الصنعة ، واجدين قواعد للتمثيل السينمائي ، وناقلين الفيلم من مهمة الفرجة ، إلى مهمة أوسع كوسيط طليعي وتعبيري يتلاعب بلباب الجمهور . و لعب الممثلون دورا مهما لايقل عن مهمات الإخراج أيضا . فالقاعدة التي تقف عليها السينما إنما هي التمثيل . والسينما قبل كل شيء هي الصورة التي يشكل فيها الممثل عنصرا مهما وأساسيا في بنائها وتكوينها ولغتها إلى جانب الإخراج إن أي خلل يحدث للعلاقة بين هذين العنصرين يمكن أن يؤدي إلى كارثة في البنية القيمية للفيلم . وبالتالي إلى الفشل الذريع في تحقيق أهدافة . من هنا نجد أن تناول هذه المشكلة التي رافقت العمل السينمائي ، وما زالت قائمة . هي قضية مهمة تستدعي الفهم بين رؤى الممثل وتصوراته للنص . ورؤى المخرج وتصوراته لآليات النص ، وماهي حدودهما .وبناءا على ماجاء فالمشكلة تنطوي على تساؤلات : إلى أي مدى يخدم هذا الصراع التعبير الفني في الفيلم ؟ وهل يحقق هذا الصراع غاياته لدى كل من الممثل والمخرج ؟ وأين تصب هذه الغايات؟ . وهو ما نسعى للإجابة عليه