مشكلة الإبداع في الفيلم الروائي بين تجاذبات المنتج والمخرج

Abstract

كان لتطور العملية الإنتاجية للسينما الأثر الأكبر في قلب مفاهيم اقتصاديات الفيلم السائدة عند بداية القرن الماضي . فضلا عن التطور الملموس الذي أحدثته في حجم المشروعات الإنتاجية في إيجاد انظمه النجوم وإنشاء المدن السينمائية سواء على مستوى القطاع العام أو القطاع الخاص ومبادئ الأنظمة المنتجة للفيلم المؤدلجة منها وغير المؤدلجة إن النجاح الهائل لمثل هذه المشروعات السينمائية وعلى مستوى الإنتاج بؤسسة التمويل,والتصنيع,والتسويق يتطلب بالضرورة مستوى امثل من التنسيق بين محددات الإنتاج فيها , ونقصد الاستوديوهات والقوى العاملة والمواد الأولية . إن عملية التنظيم والتنسيق بين هذه العوامل لا يتطلب دراية بعملية الإنتاج السينمائي فحسب وإنما يتطلب كذلك ألماما شاملا بشؤون تصميم المشروعات السينمائية وتنظيمها وإدارتها بما يتفق ومتطلبات هذه العملية . إن مجموعة المبادئ والأفكار التي تتناول تنظيم وإدارة المشروعات السينمائية على مستوى الصناعة والتجارة والفن تنطوي تحت تسمية فن إدارة الأعمال ونعني بها أدارة الإنتاج أي المنتج العقل المدبر والقائد للعملية الإنتاجية . وظهر ذلك بعد الرواج الذي لقيه فيلم " سرقة القطار الكبرى " وغيره من الأفلام التي حذت حذوه , فكان دافعا إلى المزيد من الاستغلال التجاري . وقد وجد المستثمرون في ذلك ضالتهم للشروع في الاستثمار المغري والباعث على الربح السريع. وفعلا اشتدت المنافسة لدخول المستثمرين الجدد لهذه الصناعة الفتية بعد إنتاج أفلام كثيرة مثل (مولد أمه) و (بن هور) و (الوصايا العشرة) . وكانت حافزا إلى إتباع الأساليب العلمية في إدارة وتنظيم الإنتاج . فظهرت طبقة المنتجين المتخصصين الذين اتخذوا على عاتقهم إدارة المشاريع الإنتاجية وأصبحوا مسؤولين مسؤولية مباشرة أمام مجالس إدارة المشروعات . ويتشكل هذا المجلس من المستثمرين . وجاءت قوة و صرامة ونفوذ مدير الإنتاج من هذا التشكيل الذي اخذ على عاتقه مسؤولية أن يكون مشروع الفيلم مشروعا مربحا مهما كانت الظروف والأسباب والدواعي أو الرغبات والمحددات , سواء كانت فكرية أو فلسفية أو فنيه التي يواجهها من الفنيين والممثلين وكتاب السيناريو والمخرجين التي تحيل دون تحقيق ذلك .وهذا ما وضع المخرج وأفكاره وطموحاته وإبداعاته في زاوية ضيقه تتناسب طرديا مع الأرباح وعكسيا مع الرغبات وهكذا فان المخرجين عاشوا في صراع مرير مع المنتجين الذين همهم الأول والأخير الحفاظ على أموال المستثمرين الذين يهدفون إلى الربح الفاحش بمعدل قد يصل إلى خمسمائة بالمائة من الأرباح أو الألف بالمئة في بعض الأحيان . لقد كان الإنتاج ولازال العقبة الكأداء والصخرة التي تتحطم عليها أمال وطموحات وأفكار المخرجين. فالمنتجون لم يتركوا إلا حيزا ضئيلا ومجالا ضيقا لإبداع المخرجين لا يتجاوز ولا يتعارض ولا يتقاطع مع حدود الميزانية المقررة. مما يجعل الكثير من المخرجين يمارسون عملهم كمنفذين لتصميمات جاهزة مقبولة وحرفية في أحسن الأحوال . نتيجة لضعف الخيارات .لقد أصبح قله من المخرجين الذين يمتلكون الحرية المطلقة في اختيار موضوعات أفلامهم وقليلون جدا من حالفهم الحظ في تحقيق ذلك . فحرية المخرج في الاختيار تقتصر على عدم محاولة صنع بعض الموضوعات التي يجدها المنتجون خطيرة , أو يشعرون بعدم فائدتها إنها كما يسميها جوزيف لوزي " رقابة الخوف والجهل ". (نظرة المعلم ص.145) ولغرض متابعة هذه الفرضية ودراسة مفرداتها وأساسياتها نجد من الأفضل البحث و الاجابه عن مجموعة من المسائل الأساسية ومنها :هل إن المنتجين في تشددهم وقسوتهم كانوا سببا في توجهات السينما العالمية.<هل هامش الحرية المطلق لإبداع المخرج اثر في دور السينما وخطابها الثقافي .يثير الموضوع تساؤلا في الخلافات والإشكاليات نحو فهم مشترك. هل إن سوء الفهم بين المنتج والمخرج ناجم عن خلافات وتقاطعات ربحية أم فكرية أم سياسية ؟