العجائبية في مسرح الطفل

Abstract

يعد مسرح الطفل أحد العناصر الأساسية في بناء ثقافة الطفل، وذلك نظرا لما يتمتع به المسرح من حيوية مباشرة ( الآن وهنا ) في عرض الخبرات والتجارب بإطار جمالي، حيث الإحساس بالإثارة والتشويق والشعور بالمرح وسيادة الروح الاحتفالي... هذا فضلا عن أن مسرح الطفل وسيلة مهمة لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسة هي: تعزيز القيم التربوية، وترسيخ القيم الأخلاقية، وتقديم وترصين الجانب المعلوماتي/المعرفي لدى الطفل. فضلا عن الحرص على رفع الذائقة الجمالية من خلال المنظومة السينوغرافية / البصرية والمنظومة السمعية والحركية للعرض.ويفترض اختيار وإنشاء المضامين والحكايات / العقد وتشكيل الفضاء في مسرح الطفل على وفق ميول الأطفال أنفسهم بحسب المرحلة العمرية التي ينتمون اليها، مع مراعاة البيئة الثقافية التي يعيشون فيها، وهذا يتطلب من القائمين على مسرح الطفل (المؤلف،المخرج،الممثل،المصممون ...) أن يكونوا حاصلين على معارف في علم نفس وعلم اجتماع الطفل، ومطلعين على بيئة الطفل(المتلقي) المزمع تقديم العرض المسرحي اليه. وذلك بقصد التعرف على اهتمامات الطفل، وما يتطلع اليه ليكون من الميسور تاليف الحكايات وتحديد المضمون وإنشاء الأجواء المثالية للعرض المسرحي. ومن الملاحظ بوضوح ميل الأطفال عموما - والى حد ما الكبار(الراشدين) - نحو ما يثير الإعجاب وما يصح أن يسمى أو يصطلح عليه : ( العجائبي ) الذي يعني ويترادف مع : فوق المنطقي/ اللاواقعي/ الخيالي/ الغريب/ الخارق / السحري ... وقد يعلل ميل الأطفال نحو العجائبي بعدم اكتمال نضج مدركاتهم العقلية والحسية، وضعف درايتهم والتزامهم بالأعراف والقوانين التي تحكم الوقائع وتستقصى في ضوئها الحقائق. ومن أكثر مراحل الطفولة نزوعا الى العجائبية هي التي يكون فيها خيال الطفل مفتوحا على أقصاه، وهي المرحلة المحصورة بين عمر السادسة والتاسعة تقريبا، وتسمى بمرحلة الخيال المنطلق الذي لا تحجمه الوقائع ولا تحده الحقائق، الطفل خلال هذه المرحلة يمتلك تساؤلات كثيرة يحاول الإجابة عنها وسد فجواتها من معطيات خياله ويستمتع بذلك، لأن هذه الخاصية جزء من تكوينه العام. فالطفل خلال هذه المرحلة يبحث عما يجعله مطمئنا ويركن اليه، ويلجأ لكل ما يمنحه الحب والحنان - وان كان دمية - لأنها في متناول يديه ومطيعة لما يريد وتستمع لما يقول . فالأرجح أن يكون العجائبي هو ما يتمحور حوله الإدراك الحسي والعقلي للطفل في مرحلة الخيال المنطلق، أكثر من المراحل العمرية السابقة واللاحقة.واستناداً الى أن الصورة العجائبية تعد وسيلة جاذبة لاهتمام وتركيز انتباه الطفل بشكل عام، فإنها كمفهوم ووسيلة وأسلوب يمكن استخدامها في العرض المسرحي الموجه للطفل، مما يدعو لأن يوضع لها معايير أو أسسا عامة للعمل في ضوئها ولتعيين حدودها خشية المغالاة في إظهارها. لذا لابد من تحديد العوامل أو المقومات الموضحة للكيفية التي يفترض أن تخرج بها الصورة العجائبية في مسرح الطفل من خلال ثلاثة محاور( أدبية- نصية / فنية- درامية )