اختلاف المؤرخين في تحديد نهاية الدولة المدرارية في بلاد المغرب

Abstract

مقدمة:أصبحت ارض المغرب الإسلامي بصورة عامة أرضاً خصبة لوجود الخوارج وممارسة نشاطاتهم الأمر الذي تكلل فيما بعد بقيام دويلات لهم، فكانت الدولة المدرارية التي قامت سنة 140هـ إحداها. ولأن هذه الدولة قد شابها الغموض والاختلاف في كتب المؤرخين. ولكشف هذا الغموض؛ ارتأينا أن تكون عنوانا لبحثنا هذا. فقسمناه على مبحثين تناول الأول ((الدولة المدرارية ونشأتها)) والثاني ((سقوط الدولة المدرارية من وجهة نظر المؤرخين)). واستعرضنا العديد من المصادر والمراجع في هذا البحث منها كتاب ابن عذارى المراكشي ((البيان المُغرب في أخبار الأندلس والمغرب)) الذي تناول تاريخ الدولة المدرارية وظروف سقوطها، والكامل في التاريخ، لابن الأثير الذي افرد صفحات للكلام عن الدولة المدرارية وتاريخها وغيرها من المصادر والكتب الأخرى.أولا. قيام الدولة المدرارية (140هـ):بعد انتشار المذهب الصفري في القسم الجنوبي الغربي من المغرب على أيدي بعض الخوارج الذين لجأوا إلى هذه النواحي البعيدة عن أعين الدولة الأموية؛ اعتنق الكثير من أهل تلك المناطق هذا المذهب وشاركوا في ثورة ميسرة الخارجي حينما قامت سنة 122هـ( ). وكان زعيم الصفرية في تلك النواحي عيسى بن يزيد الأسود المكناسي الذي كان صاحب ماشية وكان كثير الرعي في المنطقة التي بنيت عليها فيما بعد مدينة سجلماسة( ) وهذا الموضع كان العديد من البربر يترددون عليه، ونزل عيسى هناك سنة 138هـ واجتمع عليه الكثير من القبائل البربرية وخصوصاً من قبيلة زناتة وسكنوا معه في الخيام( ) وكان عددهم يتجاوز الأربعة ألاف شخصاً فبايعوه جميعاً وجعلوه أميرهم وشرعوا بتخطيط مدينة سجلماسة (140هـ) ومن هذا الاجتماع نشأت دولة بني مدرار. وبقي عيسى أميراً عليهم مدة خمسة عشر سنة إلا أن أهل سجلماسة نقموا عليه فأخذوه وشدوا وثاقه إلى شجرة وطلوه بالعسل وتركوه حتى قتلته الزنابير والنحل سنة 155هـ( ). واتفقوا على تنصيب أبو القاسم بن سمغوبن واسول المكناسي، والملقب بمدرار (155ـ167هـ)، أميراً عليهم ويذكر ابن خلدون انه كان حدادا في الربض من قرطبة وخرج منها بعد وقعت الربض منه من الخوارج الاباضية الصفرية، وقد خطب حين تولى الإمرة في سجلماسة للمنصور العباسي وبعده للمهدي ابنه( ). وقد توفي سنة 167هـ وخلفه ابنه الياس الملقب بالوزير إلا أن أهل سجلماسة ثاروا عليه وخلعوه سنة 174هـ ونصبوا مكانه أخاه اليسع بن أبي القاسم الملقب بأبي منصور (174 ـ 208هـ).