وحدة الثقافة العراقية امتداد ثقافي حضاري

Abstract

ينبغي التأكيد أن زمن عالم اليوم يختلف عن الأزمنة القديمة من حيث سرعة تغيره وطريقة تفاعله مع بعضه البعض لاسيما بعد الثورة المعلوماتية التي اجتازت الحدود والبحار، إذ أخرجت الثقافة من قوالبها المحلية والإقليمية إلى السطح كي تتفاعل مع بعضها ضمن تنوع ثقافي محلي أو إقليمي وحتى عالمي، وعلى الرغم من معاناة الثقافة لاسيما في المجتمع النامي أو المجتمع العربي من الصراع بين الأصالة والحداثة فإن العولمة قد حملت إلى العالم اجمع مجموعة مبادئ وقوانين وتكنولوجيا مقتحمة بجسارة حواجز الثقافات المحلية حتى باتت معارضة موجات العولمة (وان بدت من الناحية النظرية مقبولة)، عديمة الفائدة لأنها تفتقر إلى التجربة الواقعية في الحياة الواقعية وغير قادرة على تقديم البديل المماثل الذي به يمكن أن تشكل معارضة فاعلة وواقعية قادرة على الرد، ومع ذلك فإن العولمة ذاتها حملت معها تناقض واضح، ففي الوقت الذي تسعى فيه فرض ثقافة واحدة على العالم متمثلة بثقافة العصر الغربي، نجدها من ناحية ثانية تشجع وتعترف بالثقافات الاثنية المحلية ومع هذا بقيت وحدة مصادر الثقافة في أي مجتمع تؤشر على حقيقة وجودها لاسيما تلك الثقافات ذات الامتداد الثقافي كما هي عليه الثقافة العراقية التي تمكنت من بلورة شخصية مميزة بقيت متفاعلة في وجدان وعقل العراقيين إلى يومنا هذا، وهذا شأن الثقافة المصرية والثقافة الصينية وغيرها من الثقافات الأصيلة التي كونت كل منها شخصية مميزة لا تزال موجودة حتى يومنا هذا أيضا، وهي تدق مرتكزاتها في جذور الأرض، كما أنها مثلت خلال التاريخ صمام أمان لوحدة البلاد لاسيما في أوقات الأزمات والتراجع الحضاري متجاوزة بجسارة كل نظرات الانقسام والتفكك الضيقة، وهذا هو شأن الثقافة العراقية اليوم وفي المستقبل وتتكون هذه الورقة من أربعة محاور رئيسية يتناول المحور الأول: حقائق الواقع ووحدة مصادر الثقافة ويتطرق الثاني إلى التنوع الثقافي الخلاق والوحدة الوطنية ودَرَس الثالث الديمقراطية والوحدة الثقافية أما المحور الرابع، فاختص بدراسة وحدة مصادر الثقافة بشكل خاص وتأثيرها على السلوك الإنساني.