المؤامرات والثورات ضد الدولة الآشورية

Abstract

واجهت الدولة الاشورية متمثلة بملوكها العديد من المؤامرات الداخلية والخارجية. فعلا الصعيد الداخلي نجد ان هذه المؤامرات لم تفلح الا بمشاركة احد ابناء او اخوة الملك (توكلتي– ننورتا الاول، شلمنصر الثالث، سنحاريب، وآشوربانيبال). كما ان تفاصيل معظم هذه المؤامرات غير موثقة من جانب المشاركين بها وانما ترد في كتابات الملك الذي تمكن من القضاء عليها، ويمكن تفسير ذلك هو ان الكتبة الذين يعملون في البلاط الملكي او ضمن القصر لايمكنهم توثيق مثل هذا الاجراء خوفا من اتهامهم بالمشاركة في حال عدم نجاح المؤامرة. ان سبب هذه المؤامرات هو نظام التوريث الاشوري للابن البكر او الاكبر وفي حالة عدم تطبيق هذا الحق تحدث هذه المؤامرات لعدم قناعة المستبعد من العرش. ومن ناحية اخرى فان ضعف بعض الملوك يشجع بعض الحكام للتمادي وتوسيع صلاحياتهم الادارية والسياسية والاعتبارية في حالات اخرى قد يشترك في مؤامرة للاستحواذ على السلطة. اما على الصعيد الخارجي فان المؤامرات والثورات كانت تتشكل باستمرار وخاصة تلك البعيدة عن الحدود الاشورية. لذا فقد استخدم الاشوريين نظام استخبارات متقدم جدا، آخذين بنظر الاعتبار قدم تلك الفترة، وحتى ان سرجون الاشوري الثاني عين ابنه سنحاريب رئيسا لهذا الجهاز. وبالرغم من تلك الاحتياطات حدثت العديد من المؤامرات والثورات وذهب ضحيتها بعض الملوك الاشوريون.تعد المؤامرات من الامور الخطيرة والتي حاول الملوك الاشوريين تلافيها او القضاء عليها بكافة الطرق والوسائل من اجل سلامته اولا وبالتالي ضمان استمرار العائلة الحاكمة وفق ما يخطط له. ومن اجل ذلك فقد جندوا المئات من رجال المخابرات وعلى المستويين الداخلي والخارجي ولدينا المئات من تقارير الاستخبارات والتي تتناول الانشطة السياسية والعسكرية لملوك الدول التابعة للتاج الاشوري او اولئك المتحالفين معه. الارشيفات الملكية من نينوى وكالخو(1) امدتنا بتقارير المخابرات الاشورية والتي تغطي الفترة التي سبقت حملة سرجون الثاني الثامنة وكذلك مراحل تقدم الكمريين على بلاد الاورارتو. هذه التقارير اما كتبت الى سرجون الثاني مباشرة اوالى ولي العهد سنحاريب والذي اصبح رئيس جهاز المخابرات الاشورية او الى بعض الموظفين الكبار في البلاط الاشوري. بالرغم من ان هذه التقارير تلقي الضوء على احوال الاورارتيين السياسية والعسكرية الا انها توضح نظام التجسس للاشوريين ضد الاورارتيين. من اشهر المخبرين الاشورين آشور– ريصوا (Aššur-reşua) فقد عثر على 20 تقرير له تخص الاورارتو والمانيين والاوكيين وطورشبا والكمريين(2)، أرسل قسم منها عن طريق سنحاريب لكن غالبيتها وجهت الى سرجون الثاني مباشرة منها ما يتعلق بمراقبة تحشدات الاورارتيين على حدود المانيين او اجتماع الحكام الاورارتين. كذلك اندحار الاورارتيين في المعارك ضد الكمريين(3). كما انهم ارسلوا عيونهم في ارجاء الامبراطورية لنفس الغرض(4). هذه الاحتياطيات لم تجدي نفعا فقد حدثت العديد من المؤامرات او الثورات ومن الملفت للنظر ان قسما منها قد اشترك فيها عدد من ابناء الملك نفسه او احد اخوته وذلك بسبب انهم لم يقتنعوا باختيار ولي العهد كما ان تجاوز الملك على محرمات المدن الدينية الرئيسية هو الاخر قد يؤدي الى الثورة والتمرد فمثلا يكتب بيل– اوشيزب الى الملك وينصحه بضرورة الانتباه الى اعمال السخرة والضرائب التي تفرض على المدن المقدسة